ديسانتيس على خطى ترامب

22 نوفمبر 2022آخر تحديث :
عمر حلمي الغول

صدى الإعلام _ عمر حلمي الغول

أهم عقدة في طريق الحل السياسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لا تكمن في اليمين المتطرف والفاشي الصهيوني فقط، إنما في النخب السياسية الأميركية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، التي ما زالت أسيرة أجندات الأيباك الصهيوني وأباطرة المال من العائلات اليهودية والدولة العميقة في الولايات المتحدة، رغم التحولات النسبية الإيجابية داخل الشارع الأميركي عموما والشباب اليهودي الأميركي خصوصا.

فالرئيس الأميركي، جو بايدن، يعلن في أكثر من تصريح، أنه لو لم تكن إسرائيل موجودة لعمل على إيجادها. كما وذكر أنه صهيوني، وحدث ولا حرج عن الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي ارتكب جريمة صفقة العصر بحق القدس العاصمة الفلسطينية، وضرب عرض الحائط بركائز عملية السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، حين اعترف بها عاصمة لإسرائيل في مطلع ديسمبر 2017، ثم نقل السفارة الأميركية في مايو 2018 من تل أبيب لزهرة المدائن، وسلسلة طويلة ومتوالية من المواقف ذاتها للعديد من قادة الحزبين الممسكين بتلابيب السياسة في البيت الأبيض، وصناع التشريع في المجلسين لصالح دولة التطهير العرقي الإسرائيلية على حساب السلام، الذي يدعون أنهم متمسكون به.

وآخر الافتراءات المتناقضة مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، أدلى بها يوم السبت الماضي (19 نوفمبر الحالي) حاكم ولاية فلوريدا، رون ديسانتيس، الذي خاطب تحالف اليهود الجمهوريين في لاس فيغاس بالقول “إنه يرفض اعتبار الضفة الفلسطينية (أو كما استخدم في وصفها المفاهيم الاستعمارية الصهيونية “يهودا والسامرة”) على أنها منطقة محتلة” وادعى أنها “منطقة متنازع عليها” حسب ما نقلته صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أمس.

ولم تبرئه من جريمته أقواله حين دعا الإسرائيليين “إلى إقامة فعاليات عامة وراء الخط الأخضر” لأن الأساس يتمثل في عدم اعترافه، بأن أرض الشعب الفلسطيني محتلة، وهذا أس وركيزة أي عملية سلام. وهو بذلك يضرب بعرض الحائط بالقرار الدولي 19/67 الصادر في 29 نوفمبر 2012، الذي اعترف بعضوية فلسطين دولة مراقب في الأمم المتحدة، وبقرار مجلس الامن رقم 2334 الصادر في 23 ديسمبر 2016، الذي دعمته ضمنا الولايات المتحدة عشية انتهاء ولاية الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما.

وديسانتيس كما تشير التوقعات الأميركية يعتبر من أبرز المرشحين الجمهوريين لرئاسة الولايات المتحدة في عام 2024، لا سيما أن العديد من الممولين لدعم حملة ترامب وأقطاب الحزب الجمهوري أعلنوا انحيازهم لصالح ترشحه، وتخلوا عن المليادير رجل العقارات، الذي فشل في الانتخابات النصفية الأخيرة مطلع هذا الشهر في تحقيق ما كان يحلم به في الهجوم الأحمر على الحزب الديمقراطي، الأمر الذي يشي من الآن بما ستكون عليه المرحلة القادمة في حال تمكن حاكم فلوريدا من تولي الحكم.

ومن الصعب الافتراض باختراق السقف السياسي الأميركي في حال بقيت هذه القيادات تتحكم بالقرار السياسي الأميركي، وإحداث التحول الإيجابي المطلوب في المدى المنظور لأنها تتسم بالتواطؤ المعلن مع خيار الدولة الإسرائيلية الخارجة على القانون، لا سيما أن الولايات المتحدة من زمن الرئيس الأسبق وودرو ويلسون، الذي وقف خلف إصدار وعد بلفور عام 1917، وتبنى تضمين الوعد في صك الانتداب عام 1922 في عصبة الأمم، ومن تلاه من رؤساء أميركيين، كانوا جميعهم خلف إقامة الدولة اللاشرعية على أنقاض نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948، وإلى يوم الدنيا هذا والإدارات الأميركية المتعاقبة تكيل بمكيالين، وترفض رفضا قاطعا الإقرار بالحد الأدنى الممكن من حقوق الشعب الفلسطيني على جزء من أرض وطنه الام، وتحول دون الاعتراف بالدولة الفلسطينية، رغم أن اتفاقيات أوسلو تم التوقيع عليها في 13 سبتمبر 1993، وكل الإدارات اللاحقة لذلك الاتفاق، باستثناء إدارة ترامب المعادية للسلام بشكل صارخ، تعلن تمسكها بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، لكنها في الواقع، وفي التطبيق العملي لم تغير من سياساتها المتناقضة مع قرارات الشرعية الدولية.

تصريح رون ديسانتيس يفرض علينا الاستعداد من الآن لوضع الخطط والمشاريع السياسية والقانونية والتنظيمية والكفاحية لمواجهة التحدي الجاثم داخل قبة البيت الأبيض، والعمل الحثيث لدفع عربة المصالحة الوطنية للأمام، وترجمة الاتفاقات المبرمة وآخرها إعلان الجزائر في أكتوبر الماضي، وتصعيد المقاومة الشعبية، ورفع مكانة فلسطين في الأمم المتحدة لدولة كاملة العضوية، وتطويق السياسات الأميركية المثلومة والجائرة.

الاخبار العاجلة