“ورقة التوت”

22 يناير 2017آخر تحديث :
“ورقة التوت”

رام الله-صدى الاعلام-22-1-2017-لم تكن عدسة الكاميرا التي التقطت مشهد ضرب وسحل الشهيد قصي العمور عقب اعتقاله مصابا، تنقل مشاهد إعدام تنظيم “داعش” الإرهابي، لأسير في سوريا أو العراق، بل كانت توثق جريمة في بلدة تقوع في بيت لحم، ارتكبها “جنود” أسقطت جرائمهم، بحسب أهم مؤسسة حقوقية إسرائيلية (بتسيلم)، ما أسمته “ورقة التوت” عن عورة دولة الاحتلال، ومؤسساتها التي تسهل بقرارتها وتواطؤها إعدام الفلسطينيين، استنادا إلى الشكوك.

مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة “بتسيلم”، الذي أملت عليه مسؤوليتها الأخلاقية، مقاطعة نيابة الاحتلال، التي لخصت مشوارها معها على مدار 25 عاما، بالقول: “يختار “بتسيلم” عدم الاستمرار في المساهمة في الحراك الوهمي في عمل جهاز تطبيق القانون العسكري، ولا نية له بمواصلة توجيه الشكاوى إليه، وهذا القرار نتاج تفكير تقدمي استنادا إلى المعرفة من مئات الشكاوى وعشرات اللقاءات مع المسؤولين في مجال تطبيق القانون العسكري، الذي يوفر الحماية للقتلة، ويغفل عن الحقوق المنتهكة”.

في فترة زمنية قصيرة من عمر الاحتلال، وهي الفترة التي اندلعت ابانها الانتفاضة في العام 2000، يشير المركز الى أنه توجه إلى النيابة الإسرائيلية مطالبا بالتحقيق في 739 حالة قُتل فيها فلسطينيون أو أُصيبوا أو ضُربوا على أيدي جنود أو تضررت ممتلكاتهم أو استخدمهم الجنود كدروع بشرية، فكان الرد بحسب “بتسيلم”، أكثر من مخيب للآمال.

ويفصل “بتسيلم” بشأن معالجة جهاز تطبيق القانون العسكري في 739 حالة، أن رُبع الحالات (182 حالة) لم يجر تحقيق فيها على الإطلاق، وفيما يقارب نصف الحالات (343 حالة) تم إغلاق ملف التحقيق فيها دون نتيجة، وفقط في حالات نادرة (25 حالة) تم تقديم لوائح اتهام ضدّ الجنود المتورطين، فيما نقل 13 ملفًا إضافيًا للمحاكم التأديبية، كما تتواجد 132 حالة في مراحل مختلفة من المعالجة، و44 حالة أخرى لم تتمكن النيابة العسكرية من تتبع وضعها.

ويقول الخبير القانوني، مدير عام مؤسسة الحق شعوان جبارين، إن حجم الجرائم والإصرار على إعدام الفلسطينيين، زاد وبات أكثر وضوحا ابّان الهبة التي اندلعت أواخر العام 2015، والتي تزامنت مع جملة قرارات لحكومة الاحتلال، كان أبرزها شرعنة استخدام بندقية القنص “روغر”، في إطلاق النار على أطفال الحجارة، في خطوة وصفها “بتسيلم” بأنها “إذن بالإعدامات الميدانية”، وتشكل استجابة من حكومة الاحتلال لرسالة وجهت إليها من عشرات الحاخامات الذين طالبوها بفرض الإعدام على الفلسطينيين، فكانت مشاهد الإعدامات لشبان مكبلين دليلا على إطلاق النار عليهم بعد اعتقالهم، وهي الخلاصة ذاتها التي وصل إليها جيش الاحتلال في جريمة قتل هديل الهشلمون، إذ جاء في تحقيق حول الجريمة أنه كان بالإمكان اعتقالها دون قتلها.

ويضيف جبارين أن جنود الاحتلال باتوا أكثر وحشية وأكثر ارتياحا في قتلهم للفلسطينيين الذين بات عليهم أن يحذروا من إخراج هواتفهم أو من الاتيان بأي حركة مفاجئة، قد تجعل منهم أهدافا “”مشروعة”” بنظر جنود الاحتلال وسياسيهم، ومؤسساتهم التي باتت توفر الحماية القانونية لهم بإهمال القضية المرفوعة إلى نيابة الاحتلال، التي باتت تبيح الدم الفلسطيني.

ويشير جبارين الى أن مشاهد الإعدامات التي توثقها الكاميرات، كحالة إعدام الشاب عبد الفتاح الشريف، الذي استشهد في الرابع والعشرين من شهر آذار من العام الماضي بمدينة الخليل، تظهر بما لا يترك مجالا للشك أن هدف الاحتلال هو التصفية الميدانية، بحماية من مؤسسات الاحتلال التي تواطأت مع القاتل “اليئور عزاريا”، واتهمته بالقتل غير العمد.

ودفع استمرار هذا التواطؤ من قبل مؤسسات الاحتلال، منظمة “يش دين” الحقوقية الإسرائيلية للاستئناف على الحكم السبت الماضي، والطلب بإعادة فتح التحقيق في جريمة إطلاق نار أصيب فيه فلسطينيان قرب مستوطنة “إيتمار” بـالضفة الغربية لنقص الأدلة.

وأفاد موقع “واللا” العبري بأن الحادث وقع أوائل عام 2015 حين تم الإبلاغ عن فقدان مستوطن، فأعلن الجيش الإسرائيلي الاستنفار وعزز قواته على حدود نابلس، وشن حملاته التفتيشية، وذلك قبل أن يعثر على الفتى اليهودي في نفس اليوم.

واعتقل الجيش آنذاك، أربعة رعاة فلسطينيين في قرية عقربا، حيث حاول السكان تخليصهم، واندلعت مواجهات استخدم فيها جنود الاحتلال النار وقنابل الغاز، ما تسبب بإصابة فلسطينيين اثنين برصاص حي.

وفتحت الشرطة الإسرائيلية تحقيقا بعد ذلك، واعتقلت اثنين من المستوطنين، لكنهما أنكرا صلتهما بالحادث، رغم أن أحد الفلسطينيين المصابين أكد تعرفه على أحدهما.

وذكرت المحامية الموكلة عن الفلسطينيين موريا شلوموت، وهي من منظمة “يش دين” أنها لا تجد مبررا لعدم تقديم الإسرائيليين المخالفين للمحاكمة، فهم لا يأخذون القانون بأيديهم فقط، بل يستخدمون أسلحة تعرض حياة الفلسطينيين للخطر، خصوصا وأن الفاعلين قد تم التعرف عليهم من ضحاياهم، وليس هناك سبب قضائي يمنع محاكمتهم.

ووفقا للمعطيات المتوفرة، فإن 7% فقط من أعمال العنف التي يقوم بها إسرائيليون متطرفون يتم توجيه اتهامات قانونية فيها، وكأن الإسرائيليين يحظون بحصانة قانونية تجعلهم بمنأى عن تقديمهم للمحاكمات، وبالعادة يكون مصير ملفاتهم الإغلاق لعدم توفر الأدلة الكافية.

وأصدرت منظمة “يش دين” تقريرا في الثاني من الشهر الجاري، جاء فيه أنه تم فتح 186 تحقيقا جنائيا ضد الجنود الإسرائيليين لارتكابهم مخالفات ضد الفلسطينيين، وإغلاق 120 ملفا منها، بينما تم اتخاذ إجراءات جادة لمعالجة سبعة ملفات، فالجيش لا يلتزم بالسياسة التي يعلنها بفتح تحقيق جنائي تجاه أي حادث ينتهي بوفاة فلسطينيين، باستثناء الحوادث التي تحصل خلال العمليات الحربية الكبيرة.

وأشار التقرير إلى أن العام 2015 شهد قتل 99 فلسطينيا في الضفة الغربية بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلي، وفي القدس الشرقية قتل 17 فلسطينيا، لكن 21 ملفا جنائيا فقط، تم فتحها ضد الجنود الإسرائيليين.

ورغم أن جيش الاحتلال لديه تعليمات بإبلاغ الشرطة العسكرية عن أي حادث تتم فيه مخالفة القوانين الدولية، لكن انخفاض أعداد البلاغات المقدمة للشرطة تشير لعدم الالتزام بالتعليمات، ما يؤكد أن السلطات العسكرية الإسرائيلية لا تحقق في الحوادث الخطيرة التي تحصل ضد الفلسطينيين.

ودفع تكرار الجرائم والاعدامات منظمة العفو الدولية “أمنستي” إلى إدانة ما وصفته بـ “سلسلة عمليات القتل غير القانونية” و”التدابير المتطرفة” بحق الفلسطينيين في حالات تم فيها إطلاق النار عمدا على فلسطينيين دون أن يمثلوا أي تهديد مباشر “فيما يبدو أنه خارج نطاق القضاء”، وعمليات إعدام لم تكن مبررة، وأن القوات الإسرائيلية تستخدم “إجراءات مفرطة وغير قانونية”.

المصدر/وكالة  وفا.

الاخبار العاجلة