احتمالات ممكنة..

25 يوليو 2023آخر تحديث :
باسم برهوم احتمالات ممكنة

صدى الإعلام: الكاتب – باسم برهوم – احتمالات ممكنة..

عندما تكون إسرائيل في ورطة أو أزمة كبيرة، أو في لحظة تغير خطيرة في نظر الدولة الأمنية العميقة، تصبح هناك حاجة لكبش فداء يكون ضحية الانعطاف بدرجة 180 عن المعادلة الأمنية والسياسية والديمقراطية الأساسية التي تأسست وتطورت بموجبها الدولة.

فالسؤال الآن وإسرائيل تقترب من احتمال وقوع حرب أهلية، هل يكون نتنياهو نفسه كبش الفداء وتتم تنحيته بطريقة أو بأخرى عن الحياة السياسية، كي تعود الأوضاع إلى حالها؟

عندما مثلت حكومة رابين – بيريس انحرافا سياسيا، مع اتفاقيات أوسلو، وكان من الممكن أن تقود إلى دولة فلسطينية، وانسحاب إسرائيلي من هضبة الجولان أو معظمها، تم التخلص من رابين وبعد ذلك انتهت تجربة السلام والخطر الأمني من وجهة نظر الدولة الأمنية العميقة. وفي وقت لاحق وعندما اقترب إيهود أولمرت من الخطوط الحمر في مفاوضاته مع الرئيس محمود عباس، تم إخراجه من الحياة السياسية بتهم فساد، وحتى موت شارون السريري يحتمل تكهنات هو أيضا.

فقد كان من المتوقع أن يواصل خطة الفصل حتى النهاية، وليس فقط في قطاع غزة وأجزاء محدودة جدا في الضفة، فكان يجب إسكاته ووقف حركته واحتمال تدميره للمشروع الاستيطاني التوسعي في حينه، فهناك من يقول إن تدمير مستوطنات قطاع غزة وتدمير مستوطنة في شمال الضفة قرب جنين كان يجب أن يتوقف عند هذه الحدود فلذلك تم التخلص من شارون بطريقة أو بأخرى.

اليوم إسرائيل تقف على مفترق طرق خطير أوصلها إليه نتنياهو، وفي اعتقاد الدولة الأمنية العميقة أنه إذا تم إخراج هذا الرجل من الحياة السياسية فإن عقد ائتلاف اليمين المتطرف سيفرط وتعود الأمور إلى نصابها أقله لعدة سنوات قادمة وتهدأ الأوضاع. أما عن السيناريو الأفضل فهو صحة نتنياهو وعدم قدرته على إكمال فترة حكمه، وربما سيناريو آخر أكثر حدة. ومن تابع الشعارات التي رفعتها المعارضة، وهي تطوق مبنى الكينست في القدس الغربية، لاحظ شعارات تقول إذا رحل نتنياهو تصح حال الدولة، وآخر يقول هزيمة الدكتاتورية لا تتم إلا بسفك الدم، وهي تذكر بشعارات اليمين ضد رابين عندما ألبسوه كوفية ياسر عرفات أو شبهوه بهتلر، وكانت تمهيدا لتصفيته وإنهاء مساره السياسي.

هناك محاولت يقوم بها رئيس الدولة هيرتسوغ، العائد للتو من واشنطن، حيث الغضب على نتنياهو وصل ذروته، قد تفضي هذه المحاولات إلى حل وسط لا ينهي الأزمة بل يؤجلها قليلا، لكن كل هذه المحاولات لن تنقذ نتنياهو، فمستقبله السياسي بات في الميزان. وخلال فترات حكمه، وهي الأطول في تاريخ إسرائيل، قام نتنياهو بمحاولات لصياغة إسرائيل على شاكلته، وشاكلة اليمين الفاشي المتطرف وهي المحاولات التي أوصلت إسرائيل إلى ما وصلت إليه حيث تقف على أبواب حرب أهلية.

وفي خضم التوقعات والتخمينات، على المراقب أن يرسم سيناريوهات كثيرة للكيفية التي قد تخرج إسرائيل فيها من أزمتها الراهنة، وهي الأخطر في تاريخها، هل تذهب إسرائيل إلى انتخابات جديدة يكون ثمنها تشظي حزب الليكود وخروج نتنياهو من الحياة السياسية نهائيا أو لفترة طويلة على الأقل، أو تولي شخصية أخرى من الليكود القيادة دون انتخابات وإعادة تشكيل ائتلاف حكومي جديد قد يضم حزب غانتس ويخرج أحزاب الصهيونية الدينية الأكثر تطرفا. وهناك سيناريو آخر قد يحدث إذا واصل نتنياهو تعنته وإصراره، فهناك احتمال أن يحدث انقلاب عسكري يسبقه عصيان مدني وعسكري شامل.

ومن ينظر إلى الأزمة في إسرائيل لا يرى مخرجا حقيقيا لها سوى بتنحية نتنياهو من الحياة السياسية مثقلا بملفات فساده، ومع خروجه قد يتخلص الليكود من الأجنحة الأكثر تطرفا ويعود تدريجيا إلى كونه حزبا ليبراليا يمينيا محافظا كما كان في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين وحتى منتصف التسعينيات.

أزمة إسرائيل أكثر تعقيدا اليوم، ويبدو من الصعب تصويب ما خربه نتنياهو بدون عنف، وهذا أيضا سيناريو محتمل جدا، وهو ما يقولون عنه أنه حرب أهلية. لكن هل تسمح راعية المشروع الصهيوني الاستعماري الولايات المتحدة الأميركية أن تصل إسرائيل إلى هذه اللحظة المدمرة، والتي ستضرب بالعمق المصالح الأميركية في الشرق الأوسط وربما في العالم كله؟ هذا السؤال هو ما يؤرق واشنطن الآن وتحاول الضغط على نتنياهو كي يتراجع، إلا أن هذا الأخير يدرك أنه إذا تراجع فسيكون الخاسر الأكبر هو شخصيا، وإن واصل عناده فقد يدفع ثمنا أكبر بكنسه من الحياة السياسية نهائيا. الأيام القادمة ستكون فاصلة لننتظر ونر معا!!؟ش


مخاوف من احتمالات «التعصب المسلح» لليمين المتطرف في اسرائيل


 

الاخبار العاجلة