الآثار النفسية للحروب والصراعات
لا تزول آلام الحرب بمجرّد وقف إطلاق النار واِنتهاء العمليات العسكرية، بل تمتدُّ المأساة لسنوات طوال بعدها، عندما يصحوا الناس على ما خلّفته الحروب من ندوب عميقة داخل نفوسهم كباراً وصغاراً.
الآثار النفسية على العائلة
يمكن أن تؤدي الضغوطات النفسيّة الناتجة عن الحروب؛ إلى تفكك العائلات واِرتفاع معدّلات الطلاق، وزيادة المشاكل بين الزوجين والعنف الأُسري، إلى جانب إهمال تربية الأولاد والاِعتناء بصحتهم.
الأُسرة هي النواة الأولى والمكوّن الأساسي للمجتمع، وإنَّ إلحاق الضرر بها يؤدي لإحداث خللٍ يطالُ المجتمع بأسره. هذا بعينه ما يحدث عند قيام الحروب، لا سيما في المجتمعات ذات الروابط الاِجتماعية الوثيقة، إذ لا يقتصر التأثير السلبي للحرب على من عاشوا داخل مناطق النزاع، بل يمتدُّ ليشمل ذويهم الذين فرّوا خارج البلاد.
الآثار النفسية على الأطفال
تترك الحرب جراحاً خفية في قلوب ونفوس الأطفال الأبرياء، الذين ولدوا في رحم المعاناة وذاقوا أشكال القهر والفقر والرعب، علاوة عن الذين فقدوا آبائهم وأمهاتهم خلال الحرب، أو من تعرّضوا للاِعتداء والاِستغلال.
بعض المشاكل النفسية التي يصاب بها الطفل إثر تداعيات الحرب:
- الشعور الدائم بالخوف والقلق والاِكتئاب.
- تأخّر النمو العقلي والبدني والعاطفي.
- صعوبة الاِندماج في المجتمع والعجز عن بناء روابط عاطفية مع الآخرين.
- الاِضطرابات السلوكية وردود الفعل العِدائية.
الآثار النفسية على البالغين
رغم اِمتلاكهم قدرةً أكبر على التحمّل مقارنةً بالأطفال، لا ينجوا البالغين من تداعيات الحرب السلبية على نفسياتهم، إذ تتفاقم الضغوطات المفروضة عليهم مع سوء الحالة الماديّة والفقر، خاصّةً إذا كانوا مسؤولين عن إعالة أُسرهم وتأمين لقمة عيشهم، مما يجبرهم على الكتمان ومواصلة الكفاح دون أن يدري أحد بالألم الذي يعيشونه.
المشاكل النفسية الناتجة عن النشأة في مناطق الصراع وتبعاتها
وفقاً لأحد التقارير الصادرة عن “منظمة الصحّة العالمية”، فسيعاني جميع الأفراد المتضرّرين من الحروب ضوائِق نفسيّة بشكل فوريّ أو بعد فترة من الزمن.
إليك أهم المشاكل النفسية الناتجة عن النشأة في مناطق الصراع:
- اِضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD).
- اِضطرابات الأكل (ينتج عنها أمراض سوء التغذية).
- اِنتشار الاِكتئاب والقلق واليأس من المستقبل.
- إدمان التدخين أو المخدرات أو الكحوليات.
- الاِنعزال عن المجتمع.
- صعوبة النوم وضعف الذاكرة.
- الشعور الدائم بالغضب وجلد الذات.
- زيادة معدّلات الاِنتحار.
الحياة في ظل الحرب وتأثيرها المباشر على الأطفال
- في الظروف العادية، يُعاني واحد من كل (15) شخص من مشاكل نفسية.
- بينما في حالة الحروب والنزاعات، يُعاني واحد من كل (15) شخصاً من أزماتٍ نفسيّة أكثر حدّة، أي بمعدل (20%).
من الطبيعي أن تخلّف الحرب تأثيراً عميقاً ودائماً على الأطفال، ينجم عن التجارب المؤلمة التي عاشوها في بيئتهم، ممّا يُعّطل إحساسهم بالأمان والاِستقرار ويجعلهم أكثر عرضةً لخطر الجوع والمرض والعنف والتجنيد العسكري والاِستغلال والاِعتداء الجنسي.
الصحة النفسية في مخيمات اللجوء ومناطق النزوح
بعد رحلة مريرة للنجاة من براثن الموت، يصلُ اللاجئون إلى المخيمات ومناطق النزوح فاقدين كلّ ما لديهم من طاقة جسدية ونفسية، لتبدأ بعد ذلك حلقة جديدة من مسلسل الألم الذي لم ينتهي، لتعلن الأزمات النفسية والعقلية ظهورها تدريجيّاً في مجتمعات اللجوء.
تسوء الحالة النفسية للاجئين يوماً بعد يوم، بالتوازي مع تردّي الظروف المعيشية في المخيمات، إذ يعاني النازحين مجموعة من المشاكل التالية:
- اِنتشار الفقر واِنعدام فرص العمل وسبل كسب العيش.
- سوء الخدمات الصحية.
- مشاكل سوء التغذية ونقص التمويل.
- نقص مياه الشرب ومشاكل الصرف الصحي.
- تفشّي الأمراض والأوبئة.
دور الأسرة ومنظمات المجتمع المدني في تخفيف هذه الآثار
الدعم النفسي للمتضررين من الحرب ليس رفاهية! إنما هي ضرورة قصوى تقع مسؤوليتها على عاتق المنظمات الحقوقيّة ومؤسسات المجتمع المدني.
أهم خدمات الدعم النفسي التي يجب توفيرها:
- تقديم مشورات فردية وإحالة الحالات الحرجة للدعم التخصصي.
- إقامة حملات التوعية النفسية لتعريف الناس بأهمية الصحة النفسية.
- زيارة العائلات والأفراد الأكثر عزلة.
- إنشاء مساحات اللعب الآمن للأطفال.
- إقامة عروض مسرحية وأنشطة ترفيهية للأطفال.
- تثقيف الأهالي حول كيفية العناية بالطفل في كافة مراحله العمرية.
- دعم ذوي الإعاقات الناجمة عن الحرب ودمجهم في المجتمع.