لماذا يقف الغرب إلى جانب إسرائيل بهذه القوة؟

12 نوفمبر 2023آخر تحديث :
باسم برهوم احتمالات ممكنة

صدى الإعلام _ الكاتب: باسم برهوم – من حيث المبدأ يجب ألا نستغرب من حجم الدعم الهائل الذي تتلقاه إسرائيل منذ السابع من اكتوبر الماضي، وهو دعم عسكري مكثف وشامل، دعم يصل الى درجة المشاركة المباشرة في الاعمال العسكرية الميدانية. وحشد عسكري لم يسبق له نظير في شرق المتوسط منذ عقود. وبالاضافة الى الدعم العسكري هناك التبني السياسي، الذي يقدم الغطاء والتبرير الكامل لجرائم إسرائيل في قطاع غزة وفي الضفة.

الغرب يعتبر إسرائيل نموذجه الحضاري الذي يقف في خط الدفاع الاول في مواجهة الشرق والغرب والمسلمين الذين هم نقيض حضارتهم، والدولة اليهود التوراتية القديمة، من وجهة نظرهم تمثل هي وما فيها من أساطير جذر حضارتهم، وهم كيفوا التاريخ ليبدو ألا ماضي في فلسطين سوى مملكة داود سليمان، ماض لا وجود للشعب الفلسطيني مكان فيه، او ان وجوده كان هامشيا. هناك حاجة لمعرفة هذا الجوهر كي نفهم الدعم وفي كل المناسبات لإسرائيل، بالاضافة للابعاد الإستراتيجية الراهنة.

بعد ما جرى في السابع من أكتوبر كان من السهل استخضار داعش والقاعدة لتهيئة الرأي العام، وتبرر الدعم غير المسبوق، وتبرير الاندفاع الإسرائيلي البربري نحو القطاع وتدميره بشكل منهجي وممارسة سياسة الارض المحروقة والتطهير العرقي بالقصف والتجويع والقتل. وهنا بالضرورة ان نتنبه الى انه كان من السهل استحضار داعش والقاعدة والاسلام السياسي، فالغرب منذ انتهاء حقبة الحرب الباردة في مطلع الستعينيات من القرن العشرين، وهناك عمل ممنهج للحديث عن صراع الحضارات، وتم تغذية هذا الخطاب بعد احداث 11 سبتمبر 2001، ولاحقا مع ظهور داعش.

المسألة الاخرى تتعلق بالخطر الذي مثلته عملية السابع من تشرين الأول على ثغر الحضارة الغربية المتقدم. لذلك يحاول نتنياهو تسويق فكرة مفادها ” ان لم يتم وضع حد للتهديد القادم من غزة، فإن هذا الخطر سيصل الى بيوتكم في الغرب “، من هنا يأتي الاصرار على الربط في وعي الغرب بين ما جرى في السابع من أكتوبر وبين داعش، وهي فكرة تدغدغ الغرب الذي يغذي حرب الحضارات. ولكن من الناحية العملية ايضا فإن واشنطن تصرفت من منطلق ان عملية حماس هي انتهاك للخطوط الحمر الكبرى والذي يهدد مباشرة المصالح الأميركية، خصوصا ان الولايات المتحدة كانت تعتبر ان حماس تتحرك ضمن المساحة السياسية المعطاة لها باتفاقات اقليمية وبالتفاهم مع نتنياهو، وهي المساحة ذاتها المعطاة لجماعة الاخوان المسلمين في المنطقة بشكل عام.


(هيروشيما في فلسطين) برأسين نوويين!!


وهنا نعود للتفسير الاساسي، الذي تمت الاشارة إليه في بدايات المقال، الا وهو ايمان الغرب بأن إسرائيل على صورته الحضارية، وهي تمثل امتداده الحضاري، وتمثل مصلحة إستراتيجية قصوى له، ولكن هناك سقوط أخلاقي كبير اليوم من الصعب جسره ببعض التصريحات والوعود، خصوصا اذا كانت هذه الوعود لا تقترن بالافعال وخطوات عملية. وبالرغم ان اي خطوات لن تغفر للغرب هذا السقوط، فإن ما يمكن ان يخفف من هول ما يتم من جرائم، هو بالفعل البدء في القيام بعمل ملموس لدعم تطلعات الشعب الفلسطيني، خصوصا انه قبل بحل الدولتين والاعلان عن خطوات عملية لاقامة الدولة الفلسطينية، ومنع الاعتراف بهذه الدولة التي تعترف بها الأمم المتحدة وعشرات الدول الاخرى.

ثمة عدم ثقة عميقة بالغرب اليوم مستندة لحاضر بمنتهى السوء والى ماض مثل للشعب الفلسطيني نكبة لم تنته فصولها، ويبقى السؤال الذي يسأله كل فلسطيني هل من الممكن ان يغير الغرب موقفه منا، وان يعيد الينا ماضينا وتاريخنا لتعود الينا حقوقنا بالارض؟

الثقة تصل الان الى الصفر وعلى هذا الغرب اذا ما تبقى شيء من الأخلاق لديه ان يبادر ليعيد لنفسه ما يقول ويدعيه بانه عالم ديموقراطي. فهل تلتقي الديموقراطية مع هذه الجرائم ومع الاحتلال؟

الاخبار العاجلة