لغة المصالحة مرة أخرى

18 أكتوبر 2017آخر تحديث :
مقالات مروان طوباس جنين

كلمة الحياة الجديدة

يبدو أن الناطق الرسمي باسم حركة حماس، لا يريد للمصالحة الوطنية أن تمضي في دروبها الصحيحة، وهو ما زال يتشبث بلغة الانقسام القبيحة، هذا الى جانب ما يمكن تسميته سلوكيات إعلامية أخرى لقيادات حمساوية لا تريد الاعتراف بأن المصالحة وإنهاء الانقسام، تبدأ من الإقرار بسلطة واحدة، وإدارة واحدة، وسلاح واحد، وبلغة وسلوك يعكس الالتزام بذلك على نحو بالغ الوضوح.

ما زال هذا الناطق يستخدم ذات الكلمات والتعابير التي سادت فيما مضى (..!!) وما زال لا يرى، أو أنه لا يريد أن يرى أن المصالحة بحاجة الى لغة تتفتح فيها النوايا الطيبة، لتسوية كافة المعضلات التي أوجدها الانقسام، والأخطر أنه ما زال لا يرى أن هذه المعضلات التي تراكمت طوال العشر سنوات الماضية، هي معضلات لم تتحمل حماس مسؤولية معالجتها، ولا بأي شكل من الاشكال، بل تركتها تتراكم بنكران في خطاب قال ذات مرة إن غزة مع حكم حماس تعيش أفضل أيامها …!! هل نذكر بتصريحات الزهار في هذا السياق .؟؟

عشر سنوات من الانقسام غذتها الحروب العدوانية الاسرائيلية الثلاثة على القطاع، بمزيد من العذابات والجراح العميقة، جعلت من الحياة هناك، حياة خارج السياق الآدمي الى حد كبير…!! لكن الناطق الرسمي الحمساوي لا يرى من عذابات القطاع المكلوم، سوى اجراءات الرئاسة التي استهدفت في الواقع الضغط العملي لدحر الانقسام البغيض، ولم تكن بالقطع اجراءات “تعسفية ضد أهلنا في غزة” كما يصفها هذا الناطق بلغة الانقسام القبيحة، التي لا ينبغي لها أن تكون بعد الآن، لكي نقول إن المصالحة تتقدم في دروبها الصحيحة.

وبالقطع أيضا أن هذه الاجراءات، ليست هي السبب في عذابات القطاع المكلوم، وليست هي التي فاقمت أزمات ومعاناة أهلنا في المحافظات الجنوبية، فليست هي التي ضاعفت الضرائب خارج القانون ودون وجه حق، وليست هي من أحكم قبضة الأمن التعسفية، والاستيلاء على الاراضي الحكومية وجعلها أعطيات إقطاعية، ولا علاقة لهذه الاجراءات بمعضلة الكهرباء ولا بتلوث البحر أو غيرها من المعضلات والمشاكل، وبالقطع تماما أن هذه الاجراءات ليست هي العنوان الرئيس في المصالحة، ومع ضرورة واهمية تسويتها، فإن إلغاءها لن يحل معضلات القطاع دفعة واحدة، ولن يجعل من سنوات الانقسام العشر نسيا منسيا، وكأنها لم تكن بالمرة، وهي على كل حال اجراءات كانت وما زالت مؤقتة، ستنتهي لحظة تمكن حكومة الوفاق من ممارسة مهامها على اكمل وجه في المحافظات الجنوبية.

عشر سنوات من العتمة، ولا نريد وصفا آخر احتراما للمصالحة، خلفت الكثير من الألم ولا يمكن اختصارها وحصرها في هذا الاطار المفتعل، الذي نرى انه يحاول القفز عن متطلبات المصالحة الوطنية الاساسية، والهروب من مواجهة الواقع وضرورة المراجعات النقدية للسنوات العشر الماضية وتحمل مسؤولياتها على نحو وطني شجاع.

ومرة اخرى سنقول ونؤكد ان للمصالحة لغة ليست هي لغة تلك السنوات العجاف، لغة تسمح بالنقد والمراجعة والاعتراف، ولغة تجعل من دروب المصالحة سالكة تماما بالتروي والحكمة والعبارة الصالحة الخالية من الاتهامات الباطلة والشعارات المنافية للواقع والحقيقة.

وبقدر ما هي المصالحة “ضرورة وطنية لإنهاء الاحتلال واقامة الدولة وتحقيق آمال شعبنا” كما أكد ويؤكد الرئيس أبو مازن، فإن لغة المصالحة ضرورة أيضا لكي تستقيم عملية إنهاء الانقسام وتؤدي المصالحة، كما يراها ويريدها شعبنا ورئيسنا أبو مازن، دورها في تعزيز مسيرة الحرية والاستقلال.

لغة المصالحة هي لغة الوحدة الوطنية، ولغة الوحدة هي لغة الوطن، لغة فلسطين التي هي دوما لغة الحق والعدل والحرية والجمال.

الاخبار العاجلة