قبضة من حديد تعكر الحياة في قرى الضفة

31 ديسمبر 2017آخر تحديث :
قبضة من حديد تعكر الحياة في قرى الضفة

رام الله-صدى الاعلام

مع بداية الانتفاضة الثانية في العام 2000 عمدت قوات الإحتلال الإسرائيلي إلى تشديد الحصار على القرى والمحافظات الفلسطينية باستخدام بوابات حديدية تفتح وتغلق في أوقات معينة.

وتقول منظمات حقوقية محلية ودولية بأن البوابات تندرج تحت سياسية العقاب الجماعي التي تنتهجها اسرائيل ضد الفلسطينيين.

وقد أضافت قوات الإحتلال خلال الاسبوعين الماضيين عدة بوابات جديدة على مداخل القرى الفلسطينية من شمال الضفه الغربية حتى جنوبها، وذلك في أعقاب موجة المواجهات الأخيرة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل.

قرية اللبن الشرقية الواقعه في منتصف الطريق الواصل بين نابلس ورام الله كانت آخر القرى التي أغلق الاحتلال الطريق على سكانها بنصب بوابة حديدية على مدخلها الرئيسي، بعد اندلاع مواجهات بين قواته وشبان القرية الذين خرجوا احتجاجا على إعلان ترامب الأخير.

طوال سنوات احتلال فلسطين حولت إسرائيل الضفة الغربية إلى مناطق يفصلها حواجز عسكرية دائمة، أو بوابات حديدية. وصارت هذه البوابات وسيلة رائجة للعقاب الجماعي.

وقال رئيس مجلس قروي اللبن الشرقية سامر غالب ل”راية”، إن وضع الاحتلال البوابة الحديدية على مدخل القرية الرئيسي الاثنين الماضي جاء بعد تهديدهم بأنه سيتم إغلاق القرية بشكل كامل في حال وقوع مواجهات بين سكان القرية وجنود الاحتلالل.

“تأثرت القرية كثيرا بوضع البوابة فليس هناك أصعب من شعورك بأنك محاصر وفي أي لحظة سيتم سجنك داخل قريتك”، يضيف غالب.

بوابة حديدية على طول الشارع، جنود على جانبي الطريق، مشهدٌ يومي على مدخل اللبن الشرقية منذ قرابة الأسبوع.

يبدي المواطن رجا عويس والذي يعمل سائقا عمومياً، استيائه من وضع البوابة على مدخل القرية: “قسّمت البوابة البلدة الى نصفين، فالراكب الذي يقطن قبل البوابة يحتاج الى سلوك الطريق مشيا على الاقدام أو ان يطلب سيارة خاصة لإيصاله الى منزله”.

ليست اللبن القرية الوحيدة المعزولة ببوابات الحديد، إنما عديد القرى في الضفة أصبح مصير تنقل سكانها مرتبط بهذه البوابات.

والمدن أيضا تطالها هذه السياسة الاسرائيلية في العقاب الجماعي.

في الأيام الاخيرة اشتعلت المظاهرات قرب حاجز “بيت ايل” وهو حاجز يفصل رام الله عن قراها الشرقية وتسلكه ايضا المركبات القادمة من مدينة نابلس. إلا انه أغلق منذ قرابة اسبوع، بسبب تواصل المظاهرات. وأجبرت الاف المركبات على سلك طريق وحيد يشهد أزمة خانقة امام الداخلين والخارجين من والى رام الله.

وفق معطيات مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فقد بلغ عدد البوابات الحديدية ولغاية شهر كانون الثاني للعام الجاري 124 بوابة منصوبة على مداخل القرى، منها 59 مغلقة و 65 مفتوحة معظم الوقت باستثناء الوقت الذي يقرر فيه جيش الاحتلال إغلاقها.

الحال لم يكن أفضل في قريتي جماعين ومردا الواقعتين الى الجنوب الغربي من مدينة نابلس. يقول فؤاد الخفش وهو أحد ساكني قرية مردا: “أقيمت البوابات الحديدية منذ مطلع الانتفاضة الثانية على المدخل الشرقي والغربي للقرية، ولغاية الان تغلق وتفتح البوابات بأوامر عسكرية من جنود الاحتلال”.

ويضيف الخفش: “عمليا الشعور سيء جدا بسبب تواجدك بمكان سيغلق في أي لحظة، وإذا أغلق الاحتلال المدخلين أصبحنا معزولين عن العالم بشكل كامل، فليس هناك مداخل للقرية غير هذين المدخلين”.

البوابة الحديدية على مدخل جماعين الغربي أغلقت الجمعة الماضية بعد مواجهات اندلعت بين الشبان وجنود الاحتلال الإسرائيلي.

“بعد أن وضع الجيش البوابة على مدخل القرية الغربي لم أعد أخرج من القرية الا في حالات طارئة وبمرافقة أحد أفراد عائلتي”، يقول بهاء الحج علي من قرية جماعين.

إنها إحدى اقسى إجراءات العقاب الجماعي التي يمارسها الاحتلال الاسرائيلي بحق الفلسطينيين، فحرية التنقل تكاد تنعدم، وما يعيشه السكان أشبه بحصار.

“أصبحت القرية سجنا كبيرا يفتح ويغلق بيد جندي، وأصبحنا معزولين عن الطريق المؤدي الى محافظة سلفيت، لذلك نسلك طريقا أطول للوصول الى الطريق الرئيسي عبر حاجز زعترة”، يضيف حج علي.

وما زالت قرية كفر قدوم تخرج بمسيرة أسبوعية منذ العام 2011 للمطالبة بفتح الطريق الذي أغلقه الاحتلال في مطلع العام 2000 بوضع بوابة حديدية على مدخل القرية القريب من مستوطنة اسرائيلية.

ويقول منسق الفعاليات في كفر قدوم مراد أشتيوي: “لقد دفع أهالي القرية الثمن غاليا من حياتهم اليومية فكان منهم الأسير والمصاب والشهيد خلال قمع الجنود للمسيرة الأسبوعية التي تنطلق بالقرية كل يوم جمعة”. لكن البوابة لم تفتح الى يومنا هذا.

وقد حازت بلدة عزون شرق قلقيلية على الرقم القياسي بعدد البوابات الحديدية المحيطة بالبلدة، بوضع قوات الاحتلال 6 بوابات على مداخل القرية، شكلت كابوساً يوميا للمواطنين.

في وقت يدعم العالم حل بين طرفي الصراع بإقامة دولة فلسطينية على حدود 67، يلاحظ في السنوات الأخيرة، ثمة إجراءات ينفذها الاحتلال الاسرائيلي، تقود إلى احكام السيطرة على الضفة بقبضة من حديد.

تقرير: شادي جرارعة-راية

الاخبار العاجلة