لماذا يتسابق طلبة الجامعات لامتلاك الأجهزة الخليوية الأحدث؟

6 يناير 2018آخر تحديث :
OLYMPUS DIGITAL CAMERA
OLYMPUS DIGITAL CAMERA

صدى الإعلام- 6/1/2018

تيما عمران طالبة في جامعة النجاح الوطنية تعتقد أن بعض الطلبة لا يهمهم كيف يوفر أهاليهم أقساطهم الجامعية أو مستلزماتهم، قائلة: “معظم الأهالي يكابدون الحياة من اجل توفير أقساط أبنائهم الجامعية، بينما ينهمك الطلبة أنفسهم في مواكبة التطور التكنولوجي بشراء أحدث الأجهزة الخليوية دون مراعاة لظروف أهاليهم المادية”.

وفي ظاهرة تطغى على السطح، ينهمك الشباب وفي مقدمتهم طلبة الجامعات في سباق لشراء آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا في عالم الاتصالات الخليوية.

تقول الطالبة في جامعة القدس المفتوحة أنوار بركات إنه بالرغم من سوء الأحوال المادية لغالبية الطلبة الا ان البعض يلجأ لأخذ القروض لشراء جهاز خلوي حديث”.

أما المواطنة فيروز كسواني والتي لديها طالبة في احدى الجامعات ترى أن الطالب في حال كانت ظروفه المادية سيئة يجب ألا يُحَمِّل أهله فوق طاقتهم وبامكانه امتلاك جهاز بسيط لقضاء حاجته .

لكن هوس امتلاك أحدث الأجهزة الخلوية لا يطال كل الطلبة بكل الأحوال فبعضهم رغم رغبته في ذلك إلا أن أوضاعهم المالية تحول دون تحقيق هذه الغاية.

فها هي الطالبة الجامعية (ف.س) تتمنى كسائر الطلبة أن تعيش حياتها الجامعية برفاهية وتواكب التطور بشراء أحدث الأجهزة الخلوية، ولكن الوضع المادي السيئ لعائلتها لم يسمح لها بهذا، وكان عائقا لامتلاكها جهازا خليويا حديثا .

تقول لـ”حياة وسوق”: الوضع المادي السيئ لعائلتي أجبرني على أن أتنازل عن بعض رفاهيتي في حياتي الجامعية وكان أهمها امتلاكي لجهاز خليوي حديث، كما أننا في عصر التكنولوجيا والتطور والكل سبَاق لمواكبته، ولكن ما باليد حيلة”.

أفراد يسعون إلى مكانة اجتماعية زائفة

يقول الدكتور عماد اشتية عميد كلية التنمية الاجتماعية والأسرية في جامعة القدس المفتوحة لـ” حياة وسوق” إن طبيعة الإنسان بشكل عام تميل إلى المباهاة والتقليد، ضاربا مثالا بأن السيارة من النوع الرخيص الثمن كفيلة بتأمين حاجة الأنسان في التنقل، لكن الأفراد يميلون إلى حب اقتناء سيارات فارهة كجزء من رفع المكانة الاجتماعية.

وقياسا على ذلك، يرى الدكتور اشتية إن هذا الأمر ينطبق تماما على طلبة الجامعات، فهم يكونون في مرحلة عمرية يسعون فيها إلى تحقيق الرغبات الذاتية، فمثلا يخجلون من اقتناء أجهزة خلوية قديمة أمام زملائهم حتى لا يتحولون إلى سخرية، مشيرا إلى أن المباهاة بين الأفراد جعل من اقتناء الأشياء الثمينة غير محصور على الأثرياء.

ويضيف “من الطبيعي أن يقتني الأغنياء أشياء ثمينة كجزء من رفع مكانتهم الاجتماعية وهذا لا ضير فيه باعتبارها أحد المؤشرات التي يتمسك بها الأغنياء، لكن الأمر امتد ليشمل الطبقات الفقيرة،  وهنا تكمن المشكلة لأن حرص الأفراد على المباهاة وانتزاع مكانة اجتماعية مزيفة قد يقود إلى مشاكل كبيرة مثل اغراق الأسرة في الديون أو اضطرار أحدهم إلى السرقة من أجل تلبية رغباته”، مشيرا إلى أن الجوالات الحديثة هي أحد مؤشرات رفع المكانة الاجتماعية التي يسعى إليها الأفراد ومن بينهم طلبة الجامعات.

وحول ما إذا كان ملاحقة آخر التطورات التكنولوجية بخصوص الأجهزة الخلوية أصبح من الأساسيات يقول اشتية: “الحاجات الأساسية للإنسان لم تتغير، والكماليات لا توازي الأساسيات بكل تأكيد، لكن رغبة الأفراد في المباهاة تطغى، وبتنا نرى أن طالبا قد لا يكون قادرا على دفع قسطه الجامعي، ومع ذلك تراه يقتني جهازا خليويا قد يصل سعر إلى سبعة آلاف شيقل”.

 ويضيف: “اقتناء الأشياء الثمينة بالتأكيد ليس من الأساسيات، لكن هناك مزاحمة بين الأفراد لحاجات إشباع الذات، وهي تقترب من الأشياء الأساسية أحيانا ولا تحل محلها”، منوها على أنه في ظل التسارع الحاصل في عالمنا يحدث هناك مفاضلة بين الأساسيات والثانويات، وهذا أدى بطبيعة الحال إلى الإسراع نحو مزيد من مؤشرات المباهاة والتقليد”.

لا تطورات كبيرة على الأجهزة الخليوية منذ ثلاث سنوات

بدوره، يؤكد الأستاذ مأمون مطر الخبير في الإعلام الرقمي لـ”حياة وسوق” أن الأسباب الرئيسية وراء تسابق الشباب ومن بينهم طلبة الجامعات لملاحقة آخر الصيحات في مجال الهواتف الخليوية يعود إلى نقص المعرفة وحب التقليد، اما في الدرجة الثانية فيأتي التسويق ومهارة الشركات في الترويج لمنتجاتها بشكل يغري الشباب ويوحي بوجود تغييرات جذرية على الأجهزة.

ولفت إلى أن كثيرا من الدراسات تشير إلى ان معظم مستخدمي الأجهزة الخليوية لا يستفيدون أو لا يستخدمون اكثر من 25% مما تحمله هذه الأجهزة من إمكانيات وتطبيقات.

وحول ما إذا كانت هناك بعض التخصصات تتطلب امتلاك الطالب للجهاز الخليوي الأحدث، يقول مطر: “لا أعتقد ان أيا من التخصصات تحتاج الى تغيير الأجهزة، على الأقل منذ ثلاث سنوات الى الآن لم تجر تطورات جوهرية على التطبيقات، فمعظم المستخدمين تنحصر استخداماتهم في التطبيقات التي تتعلق بالشبكات الاجتماعية بشكل أساسي، وتنحصر تحديثاتها في البرامج والتطبيقات التي تتعلق بتطور بعض الفورمات الخاصة بالفيديو والصور وكلها قابله للتحديث على كل الأجهزة”.

وفي سؤال لـ”حياة وسوق” إذا ما كان يعتقد أن التطورات التي طرأت على أجهزة الهواتف الخليوية خلال السنوات الثلاث الأخيرة لم تكن جوهرية، يقول: “صحيح، أنا أمتلك جهازين، واحد عمره ثلاث سنوات وآخر اقل منه سنة، وها أنا أمارس استخدامات متقدمة جدا على الاثنين بنفس الدرجة من الكفاءة، سواء كان ذلك يتعلق بالتصوير، أو المونتاج والنشر والاتصالات وتحديد المواقع وبث مباشر و iptvوغيرها من البرمجيات”.

ليس مطلوبا من طالب التكنولوجيا أن يشتري أحدث الأجهزة

وفي سؤال للدكتور معاذ صبحة أستاذ التكنولوجيا ومستشار رئيس الجامعة العربية الأمريكية لشؤون تصنيف الجامعات حول ما إذا كان من الضرورة أن يكون طالب تخصص هندسة التكنولوجيا أو برمجته متابعا لكل جديد في التكنولوجيا، قال: “بالطبع، المتخصص في التكنولوجيا يجب أن يتابع كل جديد فيها، لكن هذا الأمر لا يعني بالمطلق أنه من الأهمية بمكان شراء آخر الصيحات في عالم الهواتف الخليوية”.

ويضيف: “طالب التكنولوجيا يجب أن يتابع كل جديد في عالم الهواتف الخلوية، لكن تسابق طلبة الجامعات نحو اقتناء الأجهزة الأحدث لا علاقة له بالتعليم، إذ أن بإمكان مطوري البرمجيات أن ينجزوا عملهم بنظام المحاكيات على أجهزة أقل حداثة وليس من خلال شراء الجهاز الأحدث”، مشيرا إلى أن الأولية لطالب التكنولوجيا تتمثل في  امتلاك جهاز حاسوب حديث وليس شراء آخر الصيحات في عالم الهواتف الخليوية.

ويختتم: “موضوع ملاحقة صيحات الأجهزة الخليوية مرهق من الناحية المادية، وليس بمقدور الموظفين أن يشتروا كل عام جهاز جديد، فكيف إذا تعلق الأمر بالطلبة؟”.

 

المصدر: الحياة الجديدة/ علا خلايفة

الاخبار العاجلة