نار حماس تحرق المصالحة

22 يوليو 2018آخر تحديث :
نار حماس تحرق المصالحة

عمر حلمي الغول-الحياة الجديدة

سعت قيادة حركة حماس في أعقاب زيارة وفدها للقاهرة برئاسة صالح العاروري، نائب رئيس الحركة للقاء جهات الاختصاص المصرية من جهاز المخابرات الأسبوع الماضي إلى نشر معلومات مشوشة عن الرؤية المصرية للمصالحة، بهدف خلق حالة من الإرباك، وتضليل الشارع الفلسطيني ونخبه السياسية، لضرب أكثر من عصفور في آن: أولا تريد الإساءة للموقف المصري، الراعي لعملية المصالحة، والإيحاء بأن جهات الاختصاص المصرية ليست معنية بالاستماع لرأي القيادة الشرعية وممثلي حركة فتح لبلورة رؤيتها أو بتعبير آخر خطواتها العملية؛ ثانيا نشر رؤيتها الخاصة باعتبارها المعيار الأساس الناظم للمصالحة؛ ثالثا محاولة الانتقاص من دور الشرعية، وإشاعة فرضية كيدية وساذجة في آن، عنوانها أن القيادة المصرية تملي ما تريد عليها (الشرعية) باعتبارها “متلقية” للرؤية المصرية، وليست صاحبة رأي مقرر وحاسم في عملية المصالحة؛ رابعا محاولة بث إشاعات ومعلومات كاذبة عن مواقف حركة فتح والشرعية، وكأنها “ضد.ما تم الاتفاق عليه” سلفا، أو انها ضد الرؤية المصرية، مع ان حركة فتح لم تسلم حتى الآن وجهة نظرها لجهات الاختصاص المصرية.

صحيح أن المصالحة لم تعد بحاجة إلى اتفاقات جديدة، ولا تحتاج إلى محددات إضافية، ولكنها بأمس الحاجة إلى الالتزام الحقيقي والجاد بما تم الاتفاق عليه منذ مايو/ أيار 2011 وحتى تشرين الأول/ اكتوبر 2017 وخاصة ما يتعلق بتولي حكومة الوفاق الوطني مسؤولياتها كاملة دون لف أو دوران، وتسلم القضاء مهامه دون مراوغة، والسيطرة على ملف سلطة الأراضي، وفتح الأفق لتجسير الهوة في باقي الملفات الإشكالية (الموظفين، الضرائب، المعابر، الأمن، السلاح، المجلس التشريعي والوطني، وحكومة الوحدة الوطنية … إلخ)، التي عطلتها حركة حماس في المرحلة السابقة، ووضع عدد من الضوابط والمعايير لتنفيذ الاتفاقات المبرمة بين الجانبين، وبما يؤمن حماية وحدة النسيج الوطني، وحتى لا تكون الشرعية “طربوشا” شكليا، أو صرافا آليا على انقلاب حركة حماس. وتعزيزا لدور الحكومة الشرعية، فإن الضرورة تملي على قيادة حركة فتح المطالبة بتسليم المطلوبين في استهداف موكب رئيس الوزراء ورئيس جهاز المخابرات للجهات الأمنية المختصة لمحاكمتهم أمام القضاء وعلى الملأ. وكي تستقيم الأمور وتتمكن القيادة المصرية من بلورة تلك المحددات والضوابط، فهي معنية بالاستماع لحركة فتح ولقيادة الشرعية قبل بلورة أية رؤية محددة، لأن الذي اكتوى بنيران الاعيب حركة حماس، هو الشعب الفلسطيني، والمصالح الوطنية العليا.

وحتى لا تلدغ الشرعية للمرة الألف من ذات الجحر الإخواني، تحتم الضرورة بلورة تصور واضح ودقيق في الأولويات والأجندات الزمنية، وشرط أن تكون القيادة المصرية المعنية بالملف موجودة وحاضرة في كل خطوة، لتكون شاهدة على من يتحمل المسؤولية، وبحيث تقوم بدورها الموكل لها، تكون مطالبة لاحقا بالإعلان الصريح عن الفريق، الذي عطل أو أعاق تقدم عربة المصالحة. لا سيما وان حركة حماس من خلال ما تبثه من إشاعات مغرضة عن الشرعية وحركة فتح، وأيضا بما تقوم به من تبادل الأدوار في عملية التصعيد المحسوبة مع دولة الاستعمار الإسرائيلية لخلط الأوراق في الساحة والإقليم، واللعب على التناقضات القائمة بين الدول العربية والإسلامية، ومد الخيوط مع الولايات المتحدة وإسرائيل لإيجاد موطئ قدم لها في صفقة القرن، جميعها تحتم الانتباه لما ترمي إليه (حماس) من أهداف غير إيجابية، لا بل هي عوامل هدم، لإنها تعمل على قطع الطريق سلفا على أية خطوات إيجابية تحقق المصالحة الوطنية الحقيقية. ما تقدم، لا يهدف لإشاعة جو من التشاؤم، انما يهدف لخلق وإيجاد مناخ صحي للتفاؤل.

الاخبار العاجلة