الجنرالات يطوقون نتنياهو

24 فبراير 2019آخر تحديث :
عمر حلمي الغول

عمر الغول-الحياة الجديدة

حسمت الساعات الأخيرة من يوم الخميس الماضي (21/2/2019) توسيع تحالف الجنرال غانتس بانضمام لبيد، زعيم حزب “يش عتيد”، ورئيس الأركان الأسبق، اشكنازي، وشكلوا سويا تكتل “أزرق أبيض”، الذي هز مضاجع حزب الليكود خصوصا، واليمين المتطرف عموما. حتى خرج نتنياهو مباشرة معقبا على الخطر الداهم، فهاجم الجنرالات جميعا: غانتس ويعلون واشكنازي، الذين تبوأوا المراكز الأربعة الأولى في التحالف الجديد بالإضافة للبيد.

وجاء في أكثر من استطلاع للرأي في الشارع الإسرائيلي، ان التكتل الجديد بزعامة بيني غانتس تقدم على الليكود بفارق عشرة مقاعد، وبعضها قال بستة مقاعد. وفي كل الأحوال يبدو أن الشارع الإسرائيلي وجد ضالته، وبديله عن الملك الفاسد، نتنياهو، الذي قبض على رئاسة الحكومة أكثر من عشر سنوات، متجاوزا في توليه الحكم نسبيا رئيس الوزراء الأول لدولة الاستعمار الإسرائيلي، ديفيد بن غوريون، ووسم العقد الماضي من تاريخ دولة إسرائيل الاستعمارية بنهجه اليميني المتطرف، وصدر في عهد حكوماته أبشع القوانين العنصرية الإسرائيلية ضد ابناء الشعب الفلسطيني، وعمق النزعات العنصرية والفاشية، وحتى غيب المعايير الديمقراطية الشكلانية، التي تغنت بها الدولة الاستعمارية، وضرب عرض الحائط بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وتوجها بالقانون الأخطر، والأكثر فاشية، قانون “القومية الأساس”، الذي نفى كليا حق تقرير المصير للشعب العربي الفلسطيني، صاحب الأرض والتاريخ، وحصره بالصهاينة المستعمرين دون غيرهم.

وجد الشارع الإسرائيلي نموذجه بشخصية صهيونية تتوافق مع خياراته الاستعمارية من حيث الشكل والمضمون، التي لا تقل يمينية عن الفاسد نتنياهو. رغم ان اليمين المتطرف بقيادة رئيس الحكومة المنحلة، يتهمه، بأنه ممثل “اليسار”، وهو لا صلة له من قريب أو بعيد باليسار. ولكن في الدفاع عن كرسي الحكم مستعد بيبي الذهاب في تزوير الحقائق على والده، وليس على الجنرالات غانتس ويعلون واشكنازي، الملوثة ايديهم بدماء ابناء الشعب الفلسطيني.

ومع ذلك أصبحت هزيمة نتنياهو المارق والفاسد حاجة إسرائيلية، لأن زعيم الليكود بدا منفرا، وبغيضا، ومفضوحا أكثر من اللازم أمام الشارع الإسرائيلي، وأمام قادة العالم عموما. وبالتالي وصول غانتس وتكتله على ما يبدو بات ممكنا وواقعيا، وقلب معادلة الشارع الإسرائيلي. رغم أن التقديرات في أوساط المختصين الإسرائيليين تفيد، أن مجموع ما يمكن أن يحصل عليه تحالف “أزرق أبيض” لا يتجاوز عتبة الـ 59 مقعدا في الكنيست القادمة، وتبقى الغلبة لأنصار اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو. غير ان هذه التقديرات ليست نهائية في ضوء الحراك المتماوج في المجتمع الإسرائيلي. أضف إلى ان المقاعد الفلسطينية في الكنيست يمكن ان تكون القوة المانعة أمام تبوء نتنياهو سدة الحكومة لاحقا، مع انها لن تحصل مقابل إسقاطها الملك الفاسد على أي ثمن لصالح الجماهير الفلسطينية داخل، أو خارج إسرائيل.

وبغض النظر عن النتائج، التي ستفرزها الانتخابات البرلمانية القادمة في الـتاسع من نيسان/ابريل 2019، فإن حبل مقصلة الجنرالات بدأ يلتف حول عنق نتنياهو. حتى أخذ يتحسس رقبته فعليا، وينظر لكرسي الحكم بعين الاغتراب، لأنه أمسى يخشى ضياع رئاسة الحكومة من يديه، بعد أن اعتقد انه باق في الكرسي للأبد، وبدت الهزيمة تتراقص امام عينيه، والتي قد تقترب كثيرا بعد توجيه لائحة الاتهام له.

لكن من يعرف الليكودي المسكون بنزعة السلطة، يعلم انه لن يستسلم بسهولة، وسيستخدم كل الألاعيب، وعمليات التزوير والكذب، وقلب الحقائق حتى يفوز برئاسة الحكومة بعد الانتخابات. حتى لو ذهب إلى حرب في الجنوب على قطاع غزة، أو الشمال على لبنان، أو واصل حصار السلطة الوطنية، من خلال الصدام مع الشارع الفلسطيني في القدس العاصمة الفلسطينية خصوصا، وأراضي الضفة عموما، وفتح أبواب الاستيطان الاستعماري أكثر فأكثر ليكسب رضى، واصوات قطعان المستعمرين عبر تبديد أي أفق للسلام، ومن خلال إعلان العطاءات المتوالية للبناء في المستعمرات، أو بافتعال أزمات هنا وهناك ليسقط منافسيه من خلال الصعود نحو المزيد من الغطرسة والعنصرية والتطرف.

معركة البقاء في كرسي الحكم من عدمه بدأت فعلا مع تشكل ائتلاف “أزرق أبيض”، ولم يعد امام نتنياهو سوى خوض المنافسة مع خصومه على حساب الدم الفلسطيني، واستباحة ما يمكن استباحته من حقوق وثوابت للكل الفلسطيني في فلسطين التاريخية. ما يملي على الشعب الفلسطيني وقياداته الاستعداد للدفاع عن الذات الوطنية، ورد الصاع صاعين لكل مجرمي الحرب الإسرائيليين.

الاخبار العاجلة