“وعد بلفور،،، وعائلة روتشيلد نكبة شعب لسداد دين مالي”

7 نوفمبر 2016آخر تحديث :
“وعد بلفور،،، وعائلة روتشيلد نكبة شعب لسداد دين مالي”

بقلم: د.دلال عريقات – القدس

قبل ٩٩ عاماً، وكما ورد في وعد بلفور ‘نظرت حكومة الجلالة بعين العطف إلى الأقلية اليهودية’، فما الذي يمنعهم اليوم من النظر ‘بعين العطف’ إلى شعب كامل يقبع تحت الاحتلال الذي نتج عن عطفهم الأول؟ ما الذي يمنعهم من النظر ‘بعين العطف’ إلى شعب مشرد، شعب لاجىء، شعب شبابه في السجون وأطفاله أيتام نتيجة للجهود التي بذلتها حكومة الجلالة لدعم وتسهيل إقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين مما استلزم تهجير الفلسطينيين من بيوتهم وإذلالهم وسلبهم حقهم السياسي المتمثل بتقرير مصيرهم واستقلالهم وسيادتهم.

أستهجن جداً إصرار وإلتزام حكومة جلالة الملكة هذا العام -٢٠١٦- ممثلة برئيسة الوزراء تيريزا ماي وتأكيدها على دعم بلادها لهذا الوعد المشؤوم، بدلاً من هذا الموقف المنحاز، على المملكة المتحدة أن تحترم واجبها الأخلاقي وتكفر عن الأضرار الناتجة عن هذا الوعد الذي ساعد على قيام وطن لليهود على حساب السكان الفلسطيينين المسيحيين والمسلمين. على العالم أجمع أن يساند الفلسطينيين اليوم بطلبهم من المملكة المتحدة الإعتذار والتعويض للشعب الفلسطيني وعلى المملكة المتحدة أن تقدم وعد للفلسطينيين بصيانة حقوقهم من خلال الإعتراف الكامل بالدولة وتعويضهم عن الأضرار والكوارث الإنسانية المترتبة على هذا الوعد من خلال اتخاذ موقف صارم ضد المستوطنات غير الشرعية ومنتجاتها من جهة وانهاء الإحتلال الذي تمارسه دولة اسرائيل من جهة أخرى.

أتى وعد وزير الخارجية آرثر جيمس بلفور للورد روتشيلد متجاهلاً وجود حوالي ٢ مليون مواطن فلسطيني، فبدأ الوعد بالتأكيد على نية بريطانيا لبذل أقصى جهد لتسهيل تحقيق وطن قومي لليهود وهذا ما تم فعلياً على الأرض. إحتلال فلسطين هو فكرة صهيونية تأسست من خلال الوكالة اليهودية وخرجت كمشروع إثر مؤتمر بازل الذي نظمه ثيودور هرتزل في سويسرا عام ١٨٩٧. حينها تظاهر هرتزل بالإحباط بسبب عدم قيام أغنياء اليهود بتمويل مشروعه بالعمل على إقامة وطن قومي لليهود في أوغندا، الأرجنتين أو فلسطين، ولكنني أكاد أجزم أن المؤتمر تم عقده والترويج لفكرة الإحباط بالتعاون مع أغنياء اليهود، فلقد ضم المؤتمر كل الجاليات اليهودية بهدف العمل على تنفيذ المشروع الصهيوني ونجح ثيودور هرتزل في الترويج لفكرة إستعمار فلسطين وإقامة وطن لليهود هناك. وتبلور ذلك النجاح في عقد المؤتمر الصهيوني الأول وكان من أهم نتائجه إقامة المنظمة الصهيونية العالمية لتنفيذ البرنامج الصهيوني الذي ينص على أن “هدف الصهيوني هو إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين”.

على الجيل الفلسطيني الشاب أن يعلم علم اليقين أن المصالح هي أساس تسيير الدول، صحيح أن هذا الوعد جاء لدعم المشروع الصهيوني ولكنه أتى أساساً لخدمة مصالح إقتصادية لبريطانيا في المنطقة، فاللورد روتشيلد الذي قدم له الوعد يمثل أغنى العائلات اليهودية الألمانية الأصل التي كانت تملك مستعمرات زراعية بذلك الوقت على أرض فلسطين إضافة لشركات عملاقة متنفذة في العواصم الأوروبية الرئيسية. عائلة روتشيلد اليوم تتشارك مع عائلة روكفيلر في السيطرة على سندات وبنوك العالم وفي التحكم بالخدمات المالية العالمية. لقد انخرطت العائلة في الحياة السياسية في عواصم أوروبا العظمى التي فتحت العائلة فروعاً رئيسية لها بها مما مكن العائلة من الحصول على ألقاب وعلاقات قوية مع الملوك ورؤساء الحكومات آنذاك. ولحماية استثماراتهم في أوروبا، قدمت العائلة أموالاً طائلة للحكومة البريطانية لشراء أسهم قناة السويس من مصر عام ١٨٧٥ وقد أقرضت الحكومات الأوروبية التي امتدت فيها فروع شركاتها العملاقة وقدمت عشرات ملايين الجنيهات للحكومة البريطانية التي استثمرت في الحروب وكانت مجبرة على رد الديون لهذه العائلة اليهودية التي حققت أرباحاً عابرة للقارات وخدمت الوجود اليهودي ومأسسته على أرض فلسطين. لا بد لكل فلسطيني أن يعلم علم اليقين أن المملكة المتحدة ردت ديون عائلة روتشيلد من خلال هذا الوعد، نعم سداد هذا الدين المالي تجسد من خلال دعم مشروع سياسي تسبب بنكبة شعب بأكمله.

الاحتلال هو مشروع صهيوني ولكن دعم المملكة المتحدة لهذه الفكرة وصيانتها إبتداءً من وزير الخارجية بلفور عام ١٩١٧ إلى دعمهم المتواصل لهذا المشروع الصهيوني حتى اليوم على لسان رئيسة الحكومة التي أعلنت عن نيتها بالاحتفال بذكرى الوعد المئوية العام القادم يدعوني لتوجيه سؤال بسيط للملكة اليوم عن السبب الذي يمنعها من النظر ‘بعين العطف’ للفلسطينيين؟ ما هي المصالح الاقتصادية أو الديون التي ما زالت حكومتكم ترد لهذا اليوم؟

الاخبار العاجلة