هند و”كيكي”.. رعاية تجاوزت البعد الإنساني

23 يونيو 2020آخر تحديث :
هند و”كيكي”.. رعاية تجاوزت البعد الإنساني

صدى الاعلام_قلقيلية: تنهي الشابة هند خضر أعمالها المنزلية والجامعية اليومية على عجل، لتذهب مسرعة لـ “كيكي” الصغير، لقضاء وقتها في رعايته والاهتمام به.

“كيكي” اسم أطلقته خضر (20 عاما) على قرد صغير تربيه في منزلها بمدينة قلقيلية، منذ ولادته في الأول من حزيران/يونيو الجاري.

ترعى خضر القرد وتشرف على علاجه وإطعامه دون كلل أو ملل، لحين بلوغ حجمه الذي يمكنه من الانتقال إلى منزله بحديقة الحيوانات الوطنية بالمدينة.

تمضي خضر (20 عاما)، معظم وقتها في ارضاعه من زجاجة الحليب، ومطاردته في محيط الغرفة، وتعليمه سلوكيات بسيطة، كتناول الطعام، والهدوء، وضبط النفس.

هذه ليست التجربة الأولى لها في تربية القردة، فسبق وأن اعتنت بـ “9” قرود أخرى، علاوة على تجربتها في رعاية الطيور، والقطط، والكلاب، و”الهامستر”، والغزلان، وخراف الكاميرون، وحتى الدببة.

ويرجع حُب خضر، لتربية الحيوانات الى رؤيتها لأبيها يرعى الحيوانات الصغيرة بمنزلهم منذ كانت طفلة، فوالدها يمارس هذه الهواية منذ 30 عاما، إضافة الى عمله كطبيب بيطري بحديقة الحيوانات الوطنية بقلقيلية، ويعتني بالكائنات حديثة الولادة، التي لا مأوى لها ولا عائلة.

تقول خضر: “القصة تبدأ عندما ترفض والدة الحيوان الاعتناء بطفلها وارضاعه بعد الإنجاب، وعندما يكتشف والدي ذلك، يحضره للمنزل لرعايته، فهو يشبه الطفل بتصرفاته، ويحتاج لعناية ورعاية خاصة فجسده حساس ويحتاج للقاحات لتجنب تعرضه للأمراض، وهنا تبدأ قصة التآلف بيننا، يوما بعد يوم”.

وتتابع: “رفضت والدة القرد كيكي العناية به، كما رفضت جدته الاعتناء بأمه عند ولادتها، فيقال إنه لربما ترعرعت الجدة في بيئة غير آمنة، لم تحتضن أطفالها ولم تتعلم الحنو عليهم، ما انعكس سلبا على بناتها اللواتي يرفضن العناية بأطفالهن فور ولادتهم، فأقوم أنا بتربيتهم الى حين نضوجهم وعودتهم الى حديقة الحيوان”.

وترى خضر في القردة أنها حيوانات ذكية، وودودة في الغالب، إذا أحسن الإنسان معاملتها بلطف، فهي وحسب قولها تألف المكان الذي تحبه، وتلعب وتركض إذا أعطيتها الأمان، في حين يمكن أن تكون عدائية وشرسة إذا أسأت لها وآذيتها.

وتضيف: “هواية تربية الحيوانات أمر ممتع خاصة عالم القردة، فهي بالأغلب تشبه الإنسان بتصرفاتها، وان لم يكن هناك حيوان يجب أن أرعاه وأعتني به بفترة ما، فإني أقوم بالبحث عن حيوان صغير أعتني به ثم أطلقه في البر بعد أن يكبر.

ويعد القرد من أرقى التصنيفات في عالم الحيوان، وله أكثر من مئتي نوعٍ منتشر حول العالم، ويعيش ضمن مجموعات في روابطَ عائلية يديرها قائد للقطيع، وتحمل أنثى القرد صغارها في مرحلة تصل لأربعةِ أشهر، حيث تلد فرداً واحدا.

وتحتوي الحديقة في قلقيلية على 20 قردا، بينها 11 من الإناث، و9 ذكور، موزعة على 5 سلالات، وهي قرد البابون الزيتوني، والبابون الهيمدراس، والقرد الأخضر، وليمور حلقي الذيل، والليمور البني.

يشير الطبيب البيطري سامي خضر “والد هند”، إلى أن هواية تربية الحيوانات تحتاج الى صبر طويل وحذر شديد، فحتى لو كان الإنسان يتعامل مع حيوان حديث الولادة، فيجب أن ينتبه الى أنه معرض للخطر إذا أساء التصرف معها، وهنا يخلق للحيوان ولنفسه أذية جسدية وحتى نفسية.

ويضيف: “يسهل العناية بالحيوانات والتعامل معها وتسييرها، فمثلا كثير من الحيوانات والطيور والحشرات بحديقة الحيوان، وجدت من اجراءات الحظر والاغلاق جراء تفشي فيروس كورونا، فرصة سانحة للتناسل والتكاثر، وقد ساعدها بذلك أجواء الهدوء والسكينة، فتعددت المواليد، وهو ما شكل فرحة للقائمين عليها، بالرغم من الخسائر المادية التي لحقت بهم بسبب ندرة الزوار”.

ويستدل الطبيب بذلك بولادة 15 مولودا جديدا من بينها “القرد كيكي”، خلال شهرين فقط، وهو ما لم تشهده الحديقة منذ سنوات عدة، وساهم ذلك بإعادة التوازن البيئي المفقود، بسبب الانشطة البيئية المدمرة للطبيعة، ومنها التلوث البيئي، ومطاردة الحيوانات وإطعامهم مالا يناسبهم.

بالرغم من التقدم الحضاري والانساني والعمراني، بقيت علاقة الانسان بالحيوان الأليف ممتدة عبر العصور الى اليوم، فلم يعد عنوانها الفائدة كما كان سابقا، بل أهم ما يميزها بالوقت الحالي الـ “وفاء”، فالكثير يرى من الود تجاه الحيوان متنفس للإنسان، ومصدر ايجابي، يساعده على التعبير والاحسان بالوقت ذاته.

وتقول الاخصائية النفسية علياء شواهنة ان تربية الحيوانات لها أثر ايجابي على شخصية الفرد في تعزيز ثقته بنفسه، وتجعله أكثر انضباطا وتحملا للمسؤولية، من خلال تقديم الطعام والأدوية، واحترام المخلوقات الحية الأخرى، كما تشجع الانسان على النشاط الحركي عند اللعب معها، وتعلمه المهارات الحياتية، كتعلم الأطفال النظافة العامة، لأنّ الحيوان الأليف بحاجة للنظافة المستمرة، وتربي بالنفس مشاعر العاطفة والتعاطف والوفاء والحب.

الاخبار العاجلة