مظاهر الفلتان والشجارات

19 يونيو 2016آخر تحديث :
مظاهر الفلتان والشجارات

 ج القدس

طفت على السطح مجددا في الآونة الاخيرة مظاهر سلبية طالما حذر الجميع من مخاطرها وفي مقدمتها الشجارات الفردية والجماعية التي تستخدم فيها الاسلحة في بعض الاحيان، وكذا مظاهر فلتان امني اذا جاز التعبير، خاصة في منطقتي “ب” و”ج” من الاراضي المحتلة مع كل ما يترتب على ذلك من تداعيات سواء على الصعيد المجتمعي او على صعيد مدى قدرتنا كشعب وسلطة على ارساء سلطة القانون وتجنب الفوضى وشريعة الغاب واخذ القانون بالايدي، وفي المحصلة الاساءة للمجتمع الفلسطيني ونظامه السياسي وبالتالي لنضاله العادل لشعبنا واستفادة الاحتلال الاسرائيلي من مثل هذه المظاهر لاضعاف النسيج الاجتماعي والوطني الفلسطيني والزعم امام العالم اننا لا نستحق دولة … الخ من المزاعم الاسرائيلية.

إن ما يجب ان يقال هنا اولا ان شعبنا الذي يعاني بشكل رئيسي من استمرار الاحتلال وتنكر اسرائيل لحقوقه المشروعة وما ترتكبه من ممارسات وتفرض حتى اجراءات وقيود .. الخ وسط اوضاع اقتصادية متردية، ووسط استمرار الانقسام المأساوي الذي يزيد هذه المعاناة، شعبنا ليس بحاجة الى مزيد من المظاهر والعوامل التي تضاعف معاناته وتسيء الى صورته ونضاله.

ويدرك الجميع خطورة وتداعيات الشجارات التي تنهي بسقوط ضحايا ومصابين وتأثيرها على النسيج الاجتماعي والاضرار البشرية والمادية التي تلحقها، ولكن للأسف فان مثل هذه الظاهرة السلبية لازالت قائمة رغم تناقضها التام مع الشرائع السماوية والقوانين الانسانية والعادات والتقاليد التي يفترض ان يحترمها ويجسدها كل فلسطيني.

الجانب الآخر يتعلق بسيادة القانون ومظاهر الفلتان في الوقت الذي تسعى فيه اسرائيل الى توجيه المزيد من الضربات للسلطة الفلسطينية لاضعافها وبالتالي ضرب المشروع الوطني، فإذا كنا نسعى لارساء قواعد الدولة العتيدة وبناها الاساسية، فان من المهم جدا اولا الحرص على سلامة النظام السياسي الفلسطيني وتجنيبه مظاهر الفرقة والانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية – وهو غائب اليوم بفعل استمرار الانقسام – وبالتالي ضرورة وجود نظام سياسي قوى ديمقراطي العسكري برؤية واستراتيجية واضحتين وقادر على مواجهة التحديات الرئيسية الماثلة امامنا. كما أن من الضروري تعزيز وترسيخ مبدأ سيادة القانون وان الناس سواسية امام القانون باضافة الى احترام الحريات بما في ذلك حرية التعبير، وعندها نحصن انفسنا ونتجب مظاهر الفلتان الامني وتداعياته.

وهنا فان المسؤولية مشتركة بين المواطن والسلطة بكل قواها وفصائلها، ولا يعقل ان نتحدث عن الامن والاستقرار ومكافحة الفلتان الامني وبناء المجتمع الذي نريد فيما نعاني خللا رئيسيا في جوانب مختلفة يفترض معالجتها.

واذا كان الوضع الاقتصادي المتردي أحد اسباب اي فلتان وكذا الثقافة غير السوية بما في ذلك تغليب لغة العشائرية او الطائفية او الحزبية على مصلحة الوطن من بين الاسباب الكثيرة التي تقف وراء مظاهر الفلتان او بعض الشجارات فان من الاجدر البحث عن اقصى قدر من الحلول الممكنة بهذا الشأن بما في ذلك محاولة تأمين الحد الادنى للعيش الكريم للمواطن وكذا قيام الجهات التربوية ورجال الدين والفكر بدور اساسي في النوعية والارشاد للقضاء على «ثقافة» الفلتان او أخذ القانون بالايدي … الخ.

واذا كان المعادلة واضحة بهذا الشأن بمعنى ان تمتع المواطن الفلسطيني بالحد الاقصى الممكن في ظل الظروف القائمة بالحقوق والحريات والامن والامان وسيادة القانون وبالمقابل قيامه بالواجبات الملقاة على عاتقه فان من الواضح ان تجسيد هذه المعادلة من شأن ان يجنبنا استمرار مثل هذه المظاهر.

وهنا نؤكد مجددا ان المسؤولية مشتركة بين المواطن من جهة وسلطته وقواه السياسية والمجتمعية من الجهة الاخرى. واي نجاح بهذا الشأن هو انجاز للمجموع الفلسطيني تماما كما ان اي فشل ينعكس على المجموع الوطني الفلسطيني.

الاخبار العاجلة