كيان هش..!!

27 نوفمبر 2016آخر تحديث :
كيان هش..!!

بقلم: رشيد حسن عن الدستور الأردنية

دون مقدمات، أثبتت الحرائق التي اجتاحت شمال الكيان الصهيوني ولليوم السادس، وبالذات منطقة حيفا والكرمل، ووصلت الى القدس، وتحاصر عددا من المستوطنات.. ان هذا الكيان الغاصب، هو كيان هش مفتعل، غير قادر على مواجهة الكوارث الطبيعية، فيلجأ الى الدول الاخرى لمساعدته، وهذا ما حصل، اذ طلب الارهابي نتنياهو مساعدة عدد من الدول الصديقة وهذا ما تم بالفعل اذ ارسلت قبرص وروسيا وتركيا واليونان وايطاليا طائرات وطواقم ومعدات متقدمة للمساعدة في اطفاء هذا الحريق. الذي تحول الى جحيم يهدد بإحراق كل اسرائيل.

هذه الحرائق طرحت سؤالا كبيرا .. اذا كان العدو المتعجرف هذا، قد فشل في اطفاء حريق كبير .. فكيف سيواجه حربا شاملة، أو مقاومة جذرية وعلى كافة الصعد؟

وهذا بدوره يعيدنا الى الحقيقة الاهم التي لا بد من اضاءتها، وهي اعتماد الكيان الصهيوني على الولايات المتحدة الاميركية اعتمادا كليا .. من رغيف الخبز وحتى الصاروخ والطائرة، ولولا الدعم الاميركي المطلق لهذا العدو، لما احتل كل فلسطين والارض العربية في سيناء والجولان، ولما استمر احتلاله هذه السنوات الطوال، رافضا الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ورافضا الانسحاب من الارض المحتلة واقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشريف ورافضا عودة اللاجئين وفقا للقرار الاممي 181.

لا يضير شعبنا الفلسطيني اتهامات العدو، ولا يضيره محاولات ارهابيي تل ابيب تحميل هذا الشعب مسؤولية فشلهم في اطفاء النيران .. فمن يمارس الارهاب المنظم ضد الاطفال والمواطنين العزل، ومن حرق عائلة الدوابشة والطفل “ابو خضير”، ليسوا بدولة وانما هم عصابات.

وبالمقابل، فان استعراضا سريعا لنضالات شعبنا وعبر اكثر من 100 عام ضد العدوان الصهيوني، يؤكد حضارية هذا الشعب واصراره العظيم على التمسك بالقيم والمثل الاخلاقية والمواثيق الدولية في اوقات الحروب والصراع الدامي.

ففي الوقت الذي ارتكبت العصبات الصهيونية اكثر من 100 مجزرة ومذبحة ضد شعبنا أشهرها دير ياسين واكبرها الدوايمة وابشعها الطيرة، اذ تم حرق المواطنين بعد جمعهم في حقول القمح، لم يسجل على هذا الشعب وثواره مهاجمة مدرسة او جامعة صهيونية، أو قتل مواطنين ابرياء.

لقد حرص شعبنا على تطوير وابتكار وسائل نضالية قادرة على ارباك العدو وزلزلة كيانه.

فاذا كان الصمود هو عنوان هذا الشعب، فان مزاوجة هذا الصمود بأدوات كفاحية مبتكرة من شانها أن تعمق تجذره في الارض المباركة، وتربك العدو، وتعيد الروح الى نضاله .. ما يسهم في بقاء القضية الفلسطينية حية، تتصدر كافة الاجندة، ولتبقى كما كانت، قضية تحرر وطني، ينتسب الى هويتها احرار العالم.

فالشعب الفلسطيني ابتكر واجترح أول وأطول اضراب في التاريخ عام 1936. والشعب الفلسطيني فاجأ العدو والعالم كله، بتفجير ثورة الحجارة، وأدخل اسم الانتفاضة في قاموس ادبيات الثورات، لا بل اصبحت مفردة متداولة في الصحافة والميديا العالمية ولا تزال، وأسقط بهذا الاسلوب البسيط من المقاومة الشعبية القناع عن وجه العدو الغاصب، ليظهر على حقيقته احتلال فاشي احلالي كولونيلي، يدعي الديمقراطية وهو موغل في الفاشية والعنصرية، فيرفض الاعتراف بالاخر، ويرفض الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، ويوغل في السادية، ويبتكر اساليب اجرامية في قتل الاطفال وتكسير عظامهم، بعدما هزموه بالحجارة والمقلاع.

والشعب الفلسطيني أضفى معنى نبيلا على العمليات الاستشهادية، وهو التضحية بالنفس والاقدام على الشهادة، لتحرير وطنه كطريق وحيد، بعد ان حاصره العدو من جميع الجهات، وأنكر وجوده، وأصرعلى نفيه داخل وطنه، بعد ان حكم على اكثر من 6 ملايين فلسطيني بالتشرد الابدي في اربعة رياح الارض.

لقد أدت العمليات الاستشهادية الى ترسيخ معادلة الدم بالدم، وادت الى هجرة صهيونية معاكسة، فلأول مرة يشهد مطار اللد المحتل ازدحاما غير طبيعي في عدد المغادرين. والشعب الفلسطيني فجر في تشرين اول 2015 ثورة السكاكين، أو انتفاضة القدس، والتي جاءت ردا على جريمة قيام عدد من المستوطنين بحرق الفتى “أبو خضير”.. في سابقة تؤكد ان هذا العدو المدجج بالكراهية مستعد وجاهز لارتكاب أبشع الجرائم.. وبالفعل قام مستوطنون بحرق عائلة الدوابشة، فمات الاب والام وابنهما حرقا، فيما نجا طفل اخرمن الحريق بأعجوبة، ليكون شاهدا على جريمة العصر، وشاهدا على ارهاب المستوطنين، وارهاب الكيان الصهيوني الغاصب.

وأرسى الشعب الفلسطيني ظاهرة المرابطين والمرابطات، الذين رهنوا انفسهم للدفاع عن المسجد الاقصى المبارك، الذي يتعرض لهجمة مبرمجة من الاعتداءات الصهيونية اليومية، لفرض الامر الواقع.. تمهيدا لتقسيمه مكانيا وزمانيا.

ورغم اجراءات العدو الفاشية: من اغتيال وإبعاد ونفي واعتقال وفرض غرامات باهظة ..الخ، الا ان مقاومة هؤلاء المناضلين لم تفتر، ولم تتراجع، وبقوا مخلصين لشعارهم الخالد: حماية المسجد او الشهادة.

باختصار….

فشل العدو في إخماد الحرائق التي حولت كيانه الى جحيم، ومحاولته إلقاء اللوم على الآخرين… يؤكد أنه كيان هش .. ويعيدنا الى التذكير بحقيقة هذا الكيان وهو اعتماده المطلق على واشنطن والغرب.

الاخبار العاجلة