فندق “البتراء” في القدس.. شاهد على محاولات التهويد وطمس الهوية

28 مارس 2022آخر تحديث :
فندق “البتراء” في القدس.. شاهد على محاولات التهويد وطمس الهوية

ليالي عيد

حين توجه العاملون في فندق البتراء في باب الخليل بالقدس المحتلة، صباح أمس لممارسة عملهم فيه، تفاجؤوا بعشرات المستوطنين الذين اقتحموا الفندق ليلًا من أبواب الطابق السفلي، في محاولة للسيطرة عليه، زاعمين امتلاكهم قرارا من محكمة الاحتلال يتيح لهم السيطرة على الفندق وإخلاء من فيه.

تبين لاحقًا أن القرار الذي يزعمون أنهم يمتلكون به حق إخلاء الفندق بعد مداولات قضائية استمرت لعشرين عامًا، لا يذكر عائلة قرش صاحبة حق الحماية في فندق البتراء كأحد المدعى عليهم من قبل المستوطنين، أي أن القرار غير ملزم ولا يشمل عائلة قرش.

بسمة قرش إحدى المدعى عليهم من قبل المستوطنين، وصفت في حديث لـ “وفا” اقتحام المستوطنين بالهمجي دون أي وجه حق، ودون أي مصوغ قانوني؛ وقالت: “نحن أصحاب حق الحماية للفندق ولن نسمح لزعران المستوطنين بالاستيلاء عليه”.

وتابعت: إن “المستوطنين مارسوا الزعرنة والحركات الاستفزازية هُنا، وحدثت مناوشات بيننا، وعقب ذلك اقتادنا عناصر الشرطة إلى مركز “القشلة”، وفي الوقت ذاته سمحت للمستوطنين باقتحام الفندق”.

ويأتي الاقتحام ضمن المحاولات المستمرة من قبل المستوطنين تحت حماية شرطة الاحتلال وبدعم من حكومتها العنصرية للسيطرة على ميدان عمر بن الخطاب، وتغيير المعالم التاريخية لباب الخليل في البلدة القديمة بالقدس، الذي يعتبر المدخل الرئيس للحجيج المسيحي للوصول الى كنيسة القيامة.

ويعتبر فندق البتراء الواقع في ميدان عمر بن الخطاب في باب الخليل في القدس القديمة من الأبنية العريقة المملوكة لبطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية ومستأجر من قبل عائلة قرش منذ 1945.

وتستأجر عائلة قرش فندق البتراء منذ 1945، وهو مكون من أربعة طوابق، ومطل على ميدان عمر بن الخطاب في باب الخليل، وشرفاته تُطل على البلدة القديمة والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة.

المحامي المقدسي مدحت ديبة أكد أن المستأجرين المحميين لهم الحق في إخراج المستوطنين من العقار بالقوّة، حيث لا يوجد لهم أي مبرر بالتواجد داخل العقار.

ويُبيّن أن المستوطنين يدّعون حصولهم على قرار من محكمة الاحتلال بعد محاكمة دامت أكثر من 20 عامًا.

وقال ديبة: “بعد اطلاعي على قرار المحكمة، فإنه لا يذكر مالكة العقار بسمة قرش وشقيقاتها كأحد المدعي عليهم في هذا القرار، أي أنه غير مُلزم لأصحاب الحقوق الأصليين”.

فبعد قرار المحكمة الإسرائيلية العليا، حسم الاستيلاء على فندقي “إمبريال” و”بترا” وقصر المعظمية، في القدس المحتلة، لصالح جمعيات استيطانية، بات أصحاب هذه الأملاك في صراع لتثبيت بقائهم في المدينة ضد موجة الاستيطان التي تستهدفها.

المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، اعتبر في بيان “اقتحام المستوطنين لفندق البتراء عملا استفزازيا خطيرا واستهدافا مباشرا للأوقاف والعقارات المسيحية في المدينة المقدسة، وللحضور المسيحي العريق والأصيل في هذه البقعة المباركة من العالم”.

وأضاف حنا أن استيلاء المستوطنين على فندق البتراء قد يكون خطوة تليها خطوات أخرى للاستيلاء على أبنية أخرى في منطقة باب الخليل، داعيا إلى اتخاذ جملة من الإجراءات والمبادرات الهادفة إلى وقف حد لمثل هذه الإجراءات التعسفية التي تستهدف أوقافنا وحضورنا المسيحي العريق في مدينة القدس.

وتابع: إن الذين يستهدفون المقدسات والأوقاف الإسلامية هم ذاتهم الذين يستهدفون أوقافنا المسيحية وإن كانت الأدوات مختلفة والأنماط متعددة، ولكن الهدف واحد وهو طمس هوية القدس وتاريخها وعراقة وجود أبنائها فيها.

ووصف حنا ما حدث في فندق البتراء في هذه المنطقة الاستراتيجية المهمة في منطقة باب الخليل، بالمؤشر الخطير على أن الأيام والفترات المقبلة ستحمل أيضًا أخبارا مؤلمة، وحزينة حول عقارات وأوقاف أخرى في باب الخليل، وما حدث من اقتحام للبتراء رسالة احتلالية واضحة المعالم أنه لا يولي اهتماما لأي احتجاجات أو مواقف تصدر من الكنائس أو من المؤسسات الفلسطينية، والهيئات الرسمية والشعبية.

وتمثل مخططات الاحتلال بالبدء بمشاريع استيطانية سياحية في باب الخليل مخاطر حقيقة على مدينة القدس كعاصمة لفلسطين تعلن فيها دولة الاحتلال عن انتهاء أي أمل لدولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وأنها ماضية في خطتها بتهويد المدينة لتكون عاصمة موحدة للدولة العبرية، تنفيذا لخطة الضم.

وكانت ما تسمى بـ”لجنة التخطيط والبناء” في بلدية الاحتلال أقرت خلال كانون الثاني الماضي مشروعاً تهويدياً في باب الخليل، أحد أبواب البلدة القديمة بالمدينة، وخصصت له ميزانية بمبلغ 40 مليون شيقلا.

وجاء إعلان بلدية الاحتلال إن هذا المشروع سياحي، بهدف تطوير القطاع السياحي في المنطقة، وأنها أكملت كافة الأمور اللوجستية من مخططات ومعدات، لبدء تنفيذ المشروع خلال العام الحالي 2022.

ويهدف المخطط ليس إحكام الربط بين شقي المدينة فقط، وإنما تعزيز لمشاريع الاقتصادية الاستيطانية في المدينة، والسوق التجاري الذي بني في المنطقة والموصول بباب الخليل.

كما يشمل المخطط إقامة مواقف للسيارات للمستوطنين في الساحة الرئيسية مقابل كنيسة الأرمن، تمهيدا لبناء فندق استيطاني كبير، يحكم قبضة المستوطنين على المدينة المقدسة.

وباب الخليل هو ثاني أكبر الأبواب وأجملها في سور القدس بعد باب العامود، ويقع في الحائط الغربي للبلدة القديمة، وبني الباب من حجارة مماثلة أبواب البلدة القديمة، التي تتميز بحجمها الضخم ولونها المشابه للون الرمال، حيث يبلغ ارتفاع المدخل 6 أمتار، ويرتفع السور ستة أمتار أخرى، يتكون من فتحة مدخل يعلوها عقد حجري مدبب، نقش عليها اسم السلطان العثماني سليمان القانوني الذي بنى هذا الباب.

ويشكل هذا الباب أيضا المدخل الرئيس للمدينة وتاريخها العريق، ويطلق عليه باب الفتوحات الإسلامية و”الغزاة”، حيث دخل منه الخليفة عمر بن الخطاب حين فتح القدس، وفي المنطقة أشهر ميادين البلدة القديمة وهي ساحة عمر بن الخطاب.

ولا تعتبر مخططات تهويد باب الخليل جديدة، فقد بدأت منذ احتلال الشق الشرقي من المدينة عام 1967 عندما تمت مصادره المنطقة وإزالة “حي الشماعة” أو ما كان يعرف بالمنطقة الصناعية الفلسطينية التي بنيت في القدس من قبل عام 1948

الاخبار العاجلة