هل حياة الفلسطينيين وحقوقهم مهمة!

23 أبريل 2022آخر تحديث :
الأمم المتحدة

بقلم: د. رمزي عودة

لم يقصد “جابريل غارسيا ماركيز” الصهيونية حينما قال ” في هذه المدنية لم يقتلونا بالرصاص وإنما أيضا قتلونا بالقرارات”، ولكنه إستلهم مقولته من تلك المعاناة الي تعيشها البشرية من جراء القتل وحرمان الحقوق. ويبدو أن الصهيونية الحديثة تجسدت في كلمات هذا الأديب العالمي لتضيف على قذارة إحتلالها للشعب الفلسطيني وصفاً آخر لم يذكره “ماركيز” نفسه، ألا وهو الفصل العنصري، حينما يكون القتل والحرمان أساسه التمييز والهيمنة. وتظهر هذه السمة جلياً في تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلي “نفتالي بينت”، والتي أثارت جدلاً واسع النطاق حينما حاورته قبل يومين مذيعة شبكة “CNN” الأمريكية كريستيان أمانبور، فقد أنكر “بينت” وصفها للأراضي الفلسطينية بأنها محتلة، موضحاً أنها أراضي متنازع عليها في القانون الدولي!، كما شدد “بينت” أثناء تعليقه على إقتحام القوات الاسرائيلية للمسجد الأقصى، على أن وظيفته كرئيس للحكومة الاسرائيلية هي حماية أمن الاسرائيليين وليس الفلسطينيين!.

في الواقع، تثير إقتحامات المسجد الأقصى من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي إشكالية خطيرة حينما يتم النظر في فكر وممارسة “الصهيونية الجديدة” المتربعة على عرش الحكم في إسرائيل. ففي الوقت الذي حذرت فيه دوائر الأمن الاسرائيلية من تصاعد وتيرة العنف في شهر رمضان من قبل الفلسطينيين، نجد أن حكومة الاحتلال اليمينية هي نفسها التي قامت بالتصعيد في شهر رمضان، فقتلت أكثر من 23 شهيداً، وإعتقلت 450 أسيراً فلسطينياً؛ بينهم 105 أسير صدرت بحقهم أوامر إعتقال إداري. كما إقتحمت قواتها المسجد الأقصى المقدس بالنسبة للمسلمين وجرحت مئات المصلين. وفي الوقت الذي تدعي شرطتها بأنها تتصدى لإقتحامات المسجد الأقصى من قبل المستوطنين، إلا أنها لم تجرح أو تقتل أو تعتقل أياً من هؤلاء المتطرفين الذين ينتمون لجماعات الهيكل والمنظمات الصهيونية الارهابية مثل كاخ وشبيبة التلال وغيرهم. فهل أسلحة قوات الشرطة الاسرائيلية صالحة فقط ضد الفلسطينيين، أم أن حياة الفلسطينيين ليست مهمة؟!.

وتفرض قوات الاحتلال الاسرائيلي قيوداً صارمةً منذ رمضان الجاري على أعداد وأعمار المصلين في المسجد الأقصى، في الوقت الذي تسمح به للمتطرفين المتدينين اليهود بزيارة الحرم المقدس والصلاة فيه تحت أعين الشرطة الاسرائيلية برغم أن القانون الاسرائيلي نفسه يمنع صلاة اليهود هناك، كما تمنع أصول الشريعة اليهودية الصلاة في الحرم المقدس وفقاً لجوزيف مسعد أستاذ التاريخ السياسي والثقافي العربي بجامعة كولومبيا الأميركية. وبالضرورة، فهل تريد الحكومة الاسرائيلية تقسيم الحرم القدسي زمانياً ومكانياً، أم أنها تسعى لإثارة حرب دينية في المنطقة، أم أنها تقوم بالسياستين معاً في الوقت الذي يمنع القانون الدولي حكومة الاحتلال من إحداث أي تغيير في الأمر الواقع للأماكن المقدسة والمناطق المحتلة. في الواقع، يبدو جلياً أن حقوق الفلسطينيين الدينية والمدنية ليست مهمةً في نظر الاحتلال الاسرائيلي!.

إن أحداث الأقصى الأخيرة أثبتت بوضوح سياسة التمييز والفصل العنصري لدولة الاحتلال، حيث حياة الفلسطينيين وحقوقهم ليست مهمة كما يشير تقرير منظمة العفو الدولية في التعليق على الأحداث الدامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما أن سياسة التحريض ضد الشعب الفلسطيني لم تقتصر فقط على وسائل الاعلام الاسرائيلية، وإنما إشتملت أيضاً على التصريحات الرسمية للقادة الإسرائيليين، فهذا “غانتس” وزير الأمن الاسرائيلي يهدد بشن حرب لا هوادة فيها على الفلسطينيين، كما هدد بإستخدام القوة في أقصى الحدود ضد المتظاهرين الفلسطينيين حتى لو أدى ذلك الى قتلهم بمجرد الإشتباه، وقد أشار تقرير الأورومتوسطي إلى تسجيل ما لا يقل عن 8 عمليات إعدام ميداني بذريعة الاشتباه أو محاولة تنفيذ عملية طعن في الأحداث الاخيرة. وبالنتيجة، وكما يقول “ماركيز”فقد قتلوا الفلسطينيين ليس فقط بالرصاص وإنما أيضاً بسياسات الفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

الاخبار العاجلة