15 عاما على انقلاب حماس.. أسئلة مرة لواقع مر

14 يونيو 2022آخر تحديث :
انقلاب حماس

صدى الإعلام- الكاتب ياسم برهوم: ربما تكون أفضل طريقة لمعرفة الأذى والخراب والدمار الذي أحدثه انقلاب حماس الدموي، الذي قامت به عن سبق إصرار وترصد وتخطيط مسبق في حزيران / يونيو عام 2007، هو أن نتساءل، أن نسأل أنفسنا الأسئلة الضرورية… هل حال القضية الفلسطينية أفضل مع الانقلاب وما خلفه من انقسام لعين؟ ما الذي جناه الشعب الفلسطيني، وخاصة في قطاع غزة من الانقلاب؟ من المستفيد الأكبر من الانقلاب والانقسام وفصل القطاع عن الضفة؟ والسؤال الأهم، لماذا قامت حماس بالانقلاب وهل كانت له ضرورة وطنية أم أنه جاء لخدمة أجندات خارجية ولخدمة جماعة الإخوان؟ هل حماس تؤمن بالوطنية الفلسطينية أم هي تطرح نفسها نقيضا وبديلا لها؟ وأخيرا لماذا رفضت حماس كل عروض ياسر عرفات للانضمام لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومن ثم بعد الانقلاب أفشلت كل اتفاقات المصالحة وإنهاء الانقسام؟

لفهم تصرفات حماس، ومن ضمنها الانقلاب والإصرار عليه وعلى إبقاء الانقسام، لا بد من معرفة هذا التنظيم الذي تأسس عام 1988, متأخرا عن فتح وفصائل الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير أكثر من ثلاثة عقود. حماس، وكما ينص ميثاقها، هي فرع من فروع التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، وليس في اسم حماس أي ذكر لفلسطين كما كل الفصائل الوطنية، فصائل منظمة التحرير، فاسمها يدل على هويتها الإسلامية، حركة المقاومة الإسلامية “حماس”. وقبل أن تتأسس حماس في بداية الانتفاضة الشعبية الكبرى نهاية عام 1987، كانت تعمل في الضفة وقطاع غزة باعتبارها جماعة الإخوان المسلمين، وكانت نشاطاتها علنية وتحظى برضى وقبول، بل وبتشجيع سلطة الاحتلال الإسرائيلي، لأنها كانت تناهض منظمة التحرير والوطنيين الفلسطينيين في كل المواقع، والكثيرون ممن عاشوا هذه المرحلة وتلك التجارب المرة يحتفظون بذكريات سلبية عن ممارسات جماعة الإخوان.

لماذا اختارت جماعة الإخوان هذا التوقيت المتأخر لإطلاق حماس، ومع بداية انتفاضة الحجارة بدأت إسرائيل تشعر معها جديا بالخطر عليها؟ الجواب موجود في السؤال التالي: ما هي أفضل طريقة لإسرائيل لإفشال الانتفاضة أليس هو شق الشارع الفلسطيني، وحماس مثلت في حينه هذا الانشقاق عندما رفضت الانضمام للقيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة، وكانت لها أيامها الخاصة في الإضرابات والاحتجاجات، ما أرهق الشارع الفلسطيني وضاعف من أزماته الاقتصادية والسياسية، والأهم أن انشقاق حماس عن الكل الفلسطيني في حينه أعطى إسرائيل، أولا: الفرصة للعب على التناقضات، كما كانت تفعل طوال الوقت عندما تتاح لها الفرصة، وثانيا: أعطى هذا الانشقاق صورة سلبية لدى الرأي العام العالمي، الذي كان متعاطفا جدا مع انتفاضة الشعب الفلسطيني.

باختصار حماس طرحت نفسها بديلا، لا لمنظمة التحرير وحسب، بل للوطنية الفلسطينية، وجاء توقيت تأسيسها في ذروة تطور العلاقة بين الجماعات الإسلامية، وخاصة جماعة الإخوان مع الولايات المتحدة الأميركية خلال حرب أفغانستان ضد الاتحاد السوفييتي. وامتدادا لهذا التاريخ وهذه الآيديولوجيا، لم يكن من الغريب أن تقوم حماس بانقلابها، خاصة أن الجماعة الأم كانت بحاجة للسيطرة على قطاع غزة للتدخل في شؤون مصر الداخلية وفسح المجال لسيطرة الجماعة هناك.

وفي نظرة عامة لتجارب التنظيمات الإسلاموية، والتي حماس على شاكلتها، فهي لا تتورع عن استخدام العنف والقتل والدمار وتستسهل سفك دم الشقيق، ما دام ذلك يخدم مصالحها التنظيمية، ومصالح الدول الراعية للعنف والإرهاب. ولا بد من التذكير هنا أن المئات الذبن قتلتهم حماس بدم بارد، بل وبوحشية من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة في مثل هذه الأيام عام 2007، بالإضافة إلى آلاف الجرحى والمعتقلين، المشاهد الدموية ما زالت ماثلة في ذهن الشعب الفلسطيني، عندما كانت حماس تلقي بمن يعارضها من فوق أسطح أبراج غزة، وإطلاقها الرصاص على الركب بهدف إعطاب الشخص إلى الأبد.

كل ما سبق يفسر عدم قبول حماس لفكرة إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة… فالسؤال من المستفيد الأكبر والأول من استمرار هذا الانقسام الذي استنزف الشعب الفلسطيني سياسيا واقتصاديا؟ بالتأكيد هي إسرائيل، ولكن أليست قيادة حماس مستفيدة أيضا على حساب باقي الشعب الفلسطيني؟ فقط ليس مطلوبا من الفلسطيني سوى مقارنة أحوال قيادات حماس قبل الانقلاب وبعده، ليلاحظ أنهم أصبحوا مرفهين من أصحاب الثروات الكبيرة، إن هذه القيادة وحدها المستفيدة من الانقلاب والانقسام…فلماذا التفريط بهذه النعم وهذه الفرص لمضاعفة الثروة حتى لو كان الثمن دم الشعب الفلسطيني وحتى أعضاء حماس العاديين ، كيف تفرط هذه القيادة بالسيطرة على قطاع غزة هذه ” البقرة الحلوب ” لها.

قد يقال إن حماس تقاوم، وهذا يغفر لها ذنوبها، كيف يمكن أن تحقق مقاومتك أي إنجاز وطني حقيقي في ظل الانقسام؟ ألم تكن الانقسامات والانشقاقات هي المرض المزمن الذي حرم الحركة الوطنية الفلسطينية من الاحتفاظ بمكاسبها وقاد إلى حصول نكبة عام 1948 في الماضي..من يصدق أن حماس بالفعل تقاوم وهي تقود انشقاقا في الصف الوطني الفلسطيني؟

لنسأل أنفسنا وبالتأكيد سنجد الإجابة!!!

الاخبار العاجلة