صدى الإعلام / الكاتب: عمر حلمي الغول – إسرائيل تواصل العربدة
دورة الإرهاب الصهيونية لا تتوقف، ولن تتوقف ما لم يزل الاستعمار عن الأرض الفلسطينية، ويحصل الشعب الفلسطيني على حريته واستقلاله وعودته وتقرير مصيره بنفسه. وفي ظل القيادات الإسرائيلية اليمينية واليمينية المتطرفة والتنافس فيما بينها على امتصاص آخر نقطة دم فلسطينية، لن تقوم قائمة للسلام مهما كان متواضعا، وطالما أقطاب العالم وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية تداهن وتمالئ دولة الجريمة المنظمة والإرهاب الإسرائيلية، وتكيل بعشرين مكيالا يصبح الحديث عن تطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع، وتجسيد مبادئ حقوق الإنسان، وإنصاف الحقوق الوطنية الفلسطينية مجرد أوهام، ونوعا من التمنيات.
كل المعطيات آنفة الذكر تكرست كحقائق دامغة عبر عقود الصراع، لا مجال لاستثناء عامل منها، كونها مترابطة ومتداخلة فيما بينها، مع أن أولى أولوياتها تكمن في الذات الوطنية الفلسطينية، التي مزقها الانقلاب المجرم منذ خمسة عشر عاما، وأثر على وضع استراتيجية وطنية متكاملة لمواجهة التحديات الصهيو أميركية، وتصعيد المقاومة الشعبية في أرجاء الأرض الفلسطينية كلها، لتزيد من كلفة الاستعمار الإسرائيلي العنصري الفاشي، وأيضا الحالة العربية المتشرذمة ألقت بظلال كثيفة على دور العامل القومي في كبح التغول الصهيوني، وفتحت شهية الدول والقوى الصديقة أو من في عدادها لترفع يدها أو تتراجع عن مواصلة دعم قضية العرب المركزية، قضية الشعب الفلسطيني على أرضية المقولة القائلة: “لن نكون ملكيين أكثر من الدول العربية”.
واستمرارا لدورة الإرهاب الإسرائيلي الدولاني، قامت القوات الخاصة الإسرائيلية فجر أمس الجمعة باغتيال ثلاثة شبان بعمر الورد في الحوض الشرقي لجنين، هم: براء لحلوح (23 عاما)، ويوسف صلاح (24 عاما)، وغيث أبو سرور (24 عاما) بذرائع أنهم دافعوا عن مدينتهم وهويتهم ورؤيتهم الوطنية، وكأن على الفلسطيني أن يرفع “الراية البيضاء” و”يستسلم” لمشيئة وإملاءات وهمجية جيش الموت الإسرائيلي، و”مصفقا” لبقاء الاستعمار الصهيوني يعيث بالأرض الفلسطينية تخريبا وإرهابا وعنصرية وقتلا. وهذا لن يحدث ما دام الاحتلال موجودا، والاستيطان الاستعماري يجثم على أنفاس الأرض الفلسطينية العربية، وسيبقى شعبنا الفلسطيني يدافع عن أبسط حقوقه الوطنية مهما كلف ذلك من تضحيات.
وتلازم استشهاد الأبطال الثلاثة براء ويوسف وغيث أبناء محافظة جنين الأبية مع الذكرى الـ 92 لإعدام الأبطال الثلاثة محمد جمجوم وعطا الزير وفؤاد حجازي، الذين أعدمهم الانتداب البريطاني في العام 1930، وهو ما يؤكد للقاصي والداني في العالم، أن الكفاح الوطني التحرري الفلسطيني لنيل الحرية والاستقلال وحق تقرير المصير لم يتوقف على مدار 130 عاما خلت، منذ أول مظاهرة نسائية في فلسطين في 1893، ولن تخبو شرارته يوما طالما وجد مستعمر صهيوني واحد على الأرض الفلسطينية العربية.
رغم أن جنين غراد، مدينة البطولة ومخيمها المجبول بالعطاء والشموخ وبلداتها وقراها قدموا منذ بداية العام الحالي 26 شهيدا، من أصل حوالي سبعين شهيدا تقريبا، أي بمعدل 45% من عدد الشهداء، الذين سقطوا في أرجاء الوطن الفلسطيني، إلا أن أبناء المحافظة لن يتخلوا عن دورهم في الدفاع عن مشروعهم الوطني التحرري، وهو أمر لافت، يعكس أصالة وصلابة أبناء المدينة والمخيم والمحافظة عموما أسوة بكل أبناء فلسطين، وبالمقابل يستدعي من فصائل العمل الوطني الانتباه لوجود العملاء والمندسين في المنطقة عموما، وفي أوساطهم خصوصا، لأنهم أداة وعين أجهزة البطش والإرهاب الإسرائيلية لتنفيذ جرائمها ضد المناضلين، وعليهم إعادة النظر في آليات مواجهتهم ودفاعهم عن أبناء الشعب والأرض، ووضع خطة وطنية على أقل تقدير في المحافظة بما يصون حياتهم، ويقلل حجم الخسائر في صفوفهم، كما مطلوب منهم أن يدققوا جيدا في خلفيات المال السياسي الذي يوزع في المحافظة لخدمة أجندات إقليمية، ولاستهداف مكانة وهيبة السلطة الوطنية الفلسطينية والقيادة الشرعية، وأن يحموا هويتهم الوطنية.
رحمة الله على الشهداء جميعا، ولأرواحهم السلام.