حماس2017.. نيو لوك!

6 أبريل 2017آخر تحديث :
حماس
حماس

بقلم: ابراهيم ملحم – جريدة القدس

 ما كان يجري همسًا وعلى استحياء داخل أُطُر الحركة، ويسارع الناطقون باسمها إلى وسائل الاعلام ومنصات التواصل لنفيه والتبرؤ من رجسه، بات اليوم معلنًا، وبوثيقة لا ريب فيها.

لا يمكن فصل ما جاء في الوثيقة الجديدة المسربة لرؤية وتوجهات حركة حماس للمرحلة المقبلة والتي اكد الناطق باسم الحركة صحتها، عن عملية إعادة التموضع التي تقوم بها العديد من الفصائل ذات التوجهات الإسلامية في منطقة زلقة، تنعدم فيها الرؤية الأُفقية في بيئة دولية متقلبة تكثر فيها المطبات وتتبدل فيها الحسابات والاصطفافات والانحيازات، وتتزايد فيها حالة الحرج التي تمر بها الدول الحاضنة والممولة لتلك الحركات، وما جرى خلال الأشهر الماضية من تغيرات في يافطات المحلات لدى العديد من الفصائل الاسلامية العاملة على الساحة السورية، خير دليل على ذلك.

في حالة حماس فإن الحاجة لإعادة صياغة وتدوير الزوايا الحادة في توجهات الحركة ورؤاها بات أمرًا ملحًا يمليه ضيق الخيارات لدى الحركة وعلاقاتها مع دول صديقة حاضنة لها باتت تواجه صعوبات في تشيير مواقفها وتبرير المبادئ التي تعتنقها في تعاملها مع الصراع العربي الاسرائيلي، حيث جاء إعلان الحركة بقبولها إقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام سبعة وستين، وتأكيدها على أن حربها هي ضد المشروع الصهيوني لا ضد اليهود كطائفة دينية، لينفي عن الحركة صفة الارهاب التي تحاول بعض الدول إلصاقها بها.

بيد أن اللافت في وثيقة حماس الجديدة وهي تجسر الفجوة تماما مع حركة فتح في رؤيتها للحل السياسي؛ أن الحركة لم توضح مبررات إقدامها على تلك الخطوة، ولماذا تأخرت كل تلك السنوات حتى تصل إلى هذه القناعة مع فارق التضحيات الكبيرة التي قدمتها الحركة ومعها الشعب الفلسطيني برمته.

في الوثيقة رسائل في جميع الاتجاهات ولكل من يهمه الامر؛ بيد ان اللافت في تلك الرسائل ان معظمها موجه للخارج اكثر منه للداخل، بعد ان خلت الوثيقة من اية استخلاصات واجبة لحالة الانقسام طيلة سنواتها العشر العجاف.

لعل أكثر ما يلفت الانتباه في وثيقة حماس، ما جاء ضمن بند “النظام السياسي” هو قول حماس بأن: “الدولة الحقيقية انما هي ثمرة التحرير”، وكان ينقص هذه العبارة القول: “وأن تكون مطلة على البحر”؛ وإذا ما عطفنا عليه البند التاسع والعشرين والذي تؤكد فيه حركة حماس رفضها التام لاتفاقات أوسلو وملحقاتها وما ترتب عليها من التزامات تتناقض مع مصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه، فإن ذلك يعني أن ميثاق الحركة إنما هو بمثابة رسالة لكل من يهمه الأمر؛ بأن الدولة هي في غزة باعتبار انها الأرض الوحيدة المحررة، مع استذكار تصريحات للدكتور محمود الزهار في هذا الشأن والتي قال فيها”إن غزة محررة وإن الحركة ستواصل سعيها لتحرير ما تبقى من الأرض في الضفة الغربية”.

خطاب حماس في البندين الثامن والتاسع في فهم الحركة للدين ورسالة الإسلام الحنيف بروحه الوسطية المعتدلة، يتطابق مع سعي الحركة لتظهير سياساتها بلغة جديدة تغادر فيها تلك اللغة القديمة التي ما زالت تعرقل تسويقها في المحافل الدولية.

فقد جاء في البندين الثامن والتاسع ما يلي: “تفهم حركة حماس الإسلام بشموله جوانب الحياة كافة، وصلاحيته لكل زمان ومكان، وروحه الوسطية المعتدلة، وتؤمن أنه دين السلام والتسامح، وفي ظله يعيش أتباع الشرائع والأديان في أمن وأمان. كما تؤمن أن فلسطين كانت وستبقى نموذجًا للتعايش والتسامح والإبداع الحضاري”.

“تؤمن حماس أن رسالة الإسلام جاءت بقيم الحق والعدل والحرية والكرامة، وتحريم الظلم بأشكاله كافة، وتجريم الظالم مهما كان دينه أو عرقه أو جنسه أو جنسيته، وأن الإسلام ضد جميع أشكال التطرف والتعصب الديني والعرقي والطائفي، وهو الدين الذي يربي أتباعه على رد العدوان والانتصار للمظلومين، ويحثهم على البذل والعطاء والتضحية دفاعًا عن كرامتهم وأرضهم وشعوبهم ومقدساتهم”.

وثيقة حماس الجديدة بمثابة جواز سفر “شنغن” تعتقد الحركة أنه سيمنحها مروحة أوسع في الحركة بين جميع الأقطار التي تحاول كسر حالة الجمود معها، وكسبها إلى جانبها لدرء مخاطر تتحسب الحركة من مواجهتها إن هي لم تسارع الى تجديد خطابها ببضاعة جديدة يمكن شراؤها.

نحسب ان المراجعة الحقيقية هي تلك التي تعترف فيها حماس بوضوح ودون مواربة بمنظمة التحرير ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني ، وتستخلص العبر من دروس الانقسام الصعبة ويكون مفيدا للحركة وللشعب الفلسطيني تخليها عن شهوة الحكم واعبائه الثقيلة وان تمارس دور الشريك في صنع السياسات والمراقب على الاداء عبر حضورها الفاعل ككتلة مانعة في المجلس التشريعي باعتبارها جزءا اصيلا من النسيج الوطني، مستفيدة بذلك من اخفاقات الحكم لدى جميع الحركات التي خاضت التجربة وخرجت منها بخسائر فادحة عليها وعلى الاوطان التي حاولت حكمها.

المصدر جريدة القدس
الاخبار العاجلة