فشل قمةكوالالمبور

25 ديسمبر 2019آخر تحديث :
عمر حلمي الغول

عمرحلمي الغول

في الذكرى الخمسين لمنظمة التعاون الإسلامي دعى رئيس وزراء ماليزيا، مهاتير محمد لعقد قمة إسلامية في العاصمة كوالالمبور ما بين 18 و21 كانون اول/ ديسمبر 2019 دون التنسيق مع المنظمة الإسلامية الأم، ودون اي مبرر سياسي أو عسكري أو ديني، مما أثار إستغراب وحفيظة العديد من الدول الإسلامية، وطرح العديد من الأسئلة حول خلفيات الدعوة، وأهدافها، ومخرجاتها، وهل هناك حاجة لمؤتمر إسلامي خارج البيت الإسلامي الرسمي؟ ولمصلحة من؟ ومن يقف وراء الدعوة؟ هل هو مهاتير محمد أم أردوغان، أم أردوغان وخامئني ومن والاهم؟ وما سر التشبيك التركي الإيراني في هذة اللحظة؟ ولماذا تورطت ماليزيا بالأمر؟ وما هي مصلحة مهاتير محمد؟ وهل يكفي القول، ان تيار الإخوان المسلمين، هو الذي يقف وراء الدعوة؟ وهل الأمر متعلق بزعامة العالم الإسلامي؟ وإذا كان الأمر كذلك، هل قمة كوالالمبور تؤدي الغرض؟ أم انها مقدمة وعنوان لمرحلة قادمة؟

عقدت القمة، وتحول عنوانها من قمة إلى منتدى. لإنها لم ترق لمستوى القمة لا من حيث الحضور، ولا من حيث الثقل السياسي ولا الديني، أضف إلى انها إكتست بالثوب الإخواني من المدرستين السنية والشيعية، لا سيما وانهما إلتقيا في أكثر من غاية، منها اولا التمرد على الزعامة السعودية؛ ثانيا تهديد وحدة منظمة التعاون الإسلامي؛ ثالثا تجاوز خاصية الدعوات الرسمية للدول، وخروجها عن أصول العلاقة الناظمة مع الدول الإسلامية؛ رابعا محاولة التعدي على مكانة ودور دولة فلسطين من خلال توجيه الدعوة لحركة حماس الإخوانية، وتكريس الإنقلاب الإخواني على الشرعية الوطنية، وقبلها فتح ممثلية تحت عنوان إنساني لماليزيا في قطاع غزة، وهو ما يضع الف علامة سؤال على دور ماليزيا غير الإيجابي؛ رابعا تضخيم عدد المشاركين في المنتدى من خلال مشاركة فروع ومنظمات الإخوان المسلمين في العالم، ولولا مشاركة الأخوان المسلمين الشيعة، لسمي المنتدى باسم التنظيم الدولي للإخوان المسلمين السنة.

مع ذلك عقد المنتدى، ولكنه فشل فشلا ذريعا في تحقيق أي من اهدافه. فاولا قاطعت كل من اندونيسيا وباكستان القمة؛ ثانيا بعدما شعر الإيرانيون بغياب زعماء الدول الأساسية، خفضوا مستوى التمثيل في القمة، حتى لا يعاب عليهم؛ ثالثا عربيا لم تشارك كدولة إلآ قظر المتواطئة مع جماعة الإخوان المسلمين، والتي تحاول بالتعاون مع تركيا اردوغان تصفية حسابات مع دول الحليج عموما والسعودية خصوصا؛ رابعا الدول المشاركة، هي الدولة المضيفة، ماليزيا، تركيا، التي تقف خلف الدعوة، قطر وإيران، وممثلي منظمات فروع الإخوان المسلمين في العالم، وهي لا تمثل ثقلا يتيح لها إتخاذ خطوة إنشقاقية تسيء لها لاحقا؛ خامسا مهاجمة المنتدى من قبل ممثلي الدول الإسلامية، والكتاب والإعلاميين وكل من له مصلحة في حماية وحدة منظمة التعاون الإسلامي.

جاءت نتيجة مخرجات المنتدى هزيلة وواهية، وكشفت خواء وإفلاس ماليزيا، وللأسف سقط مهاتير محمد بعد ان كان يعتقد انه يحظى بمكانة وتقدير في اوساط العالم كله، وليس في الدول الإسلامية، حيث تبين انه تابع وأسير المنطق الأخواني، وجزء من المدرسة الإنقسامية، وليس كما إدعى، ويدعي أنه مع توحيد الجهود والقوى. كما ان رجب طيب اردوغان لم يتمكن من تحقيق هدفه في هز عرش المملكة السعودية كزعيمة للعالم الإسلامي، فضلا عن تراجع مكانته ودوره داخل تركيا نفسها، وحتى في اوساط حزبه، حزب العدالة والتنمية، الذي تشظى وإنقسم إلى أكثر من حزب. وبالمقابل خاب رجاء إيران من تحقيق هدفها أيضا، وسقط رهانها على تركيا أردوغان.
لكن من الضروري الإنتباه إلى ان المنتدى ارسل رسالة قوية للمملكة العربية السعودية بضرورة إعادة النظر في آليات العمل داخل منظمة التعاون الإسلامي، ومحاولة تفكيك نفوذ جماعة الإخوان المسلمين، والتخفيف من حدة التباينات بينها وبين الدول الإسلامية الأخرى، والسعي لإستخدام اوراقها مع حلفائها من الأشقاء العرب والدول الإسلامية لتطويق التوجهات الإنقلابية للإخوان المسلمين الشيعة والسنة، وفتح الأفق لبناء ركائز عالم إسلامي أكثر إنفتاحا، وديمقراطية، وإنتاج خطاب إسلامي عصري يستجيب للغة ومنطق العصر، وفتح باب الحج للمسلمين من كل الدول، حتى لا تستخدم عمليات المنع لحجاج بعض الدول ذريعة ضدها.

الاخبار العاجلة