ضمن حملة ”اقرأوا الأشجار“ في الجولان المحتل

4 أغسطس 2019آخر تحديث :
ضمن حملة ”اقرأوا الأشجار“ في الجولان المحتل

بقصد إحياء ثقافة التجذر في الأرض، وإبراز دور الكاتب في ذلك، أطلقت دار المتوسط للنشر والتوزيع، حملة ”اقرأوا الأشجار“، وهي فكرة ترتكز على أن تقوم منشورات المتوسط في الجولان السوري المحتل، بغرس شجرة كرز لكل كاتب من كتّابها السوريين، و كذلك لعدد من كتابها العرب المؤثرين في مشروع الدار، والمؤيدين لموقفها الجذري من الاحتلال والديكتاتورية.

بستان

وقد بدأت الحملة منذ عدة أيام، واستهلت بزراعة أكثر من شجرة كرز تحمل كل منها اسمًا لأديب، مثل ”الشاعر أمجد ناصر، الكاتبة سمر يزبك، المفكر والمترجم فؤاد طرابلسي“، وفي انتظار شجيرات كرز جديدة لبستان كتاب المتوسط، في استضافة المواطن السوري أمل رباح، الذي استقبل الفكرة للتطبيق على أرضه.

رغبة في الحياة

وتعتبر الأشجار بمثابة رئة كبرى يتنفس من خلالها كوكب الأرض بمن عليه من كائنات، بما تقوم به من سحب لثاني أكسيد الكربون، وضخ للأكسجين. ولقد مثلت الأشجار منذ القِدم رمزًا للخصوبة، والكرامة، لدى الشعوب. فليس من باب الصدفة أن تموت الشجرة وهي واقفة. كما أن الشجرة عند العديد من الحضارات مثلت الرغبة في الحياة والاستمرارية. أيضًا بصمودها وسط التغيرات البيئية، شكلت معاصرة للأجيال المختلفة في آلية مرئية للثبات على الأرض، رابطة فكرة الوجود بين الماضي والحاضر والمستقبل.

الجلجلة

ويأتي استخدام دار المتوسط للنشر، فكرة زرع الأشجار، وإقرانها بالقامات الأدبية والفكرية، كإحالة للربط الزمني ما بين الأشجار الثائرة قديمًا، ومساهمة الأديب في ذلك. فقد استخدم الشجر في الثورة الفرنسية 1789 كرمز للثورة والحرية، واعتد به كتأسيس لقيمة الإنسان في وطنه. ولقد قال فيكتور هوغو عن ذلك: ”أول شجرة حرية زرعت قبل 1800 عام، لقد زرعت من قِبل الله نفسه، في الجلجلة، أول شجرة حرية هي صلب المسيح الذي ضحى بنفسه، من أجل الحرية والمساواة والأخوة“.

شرعية وتوريث

إن الإنسان الثابت على أرضه، ملك. هي رغبة في التجذر على الأرض، بأكبر قدر ممكن، كتعبير عن الهوية، وثقافة الامتنان للأرض، والانتماء. هي ثقافة قد يضمر الحديث عنها، لكنها راسخة في الوعي الإنساني، وليس غريبًا أن تتحول الزراعة بعموميتها، كوسيلة لمقاومة الاحتلال في الجولان العربي المحتل، نظرًا لأن مرافق الحكم كلها، والمرافق الحكومية، يسيطر عليها الاحتلال. وقد ظهر ذلك منذ القدم، إلى يومنا هذا، في جريان عادة الشعوب، وملوكها، على تقديس الشجر. فقد اهتمت الأنظمة الملكية بزراعة الشجر، بما اعتقدته بأن زرع الشجر يشير إلى الشرعية، والتوريث.

أن يكون لك شجرة

وتأتي فكرة المتوسط لزراعة شجرة كرز لكل مؤلف، على تراب الجولان المحتل، كتعزيز لقدسية الشجرة بربطها بالأدب، لما لذلك من أهمية رمزية لكليهما، متعلقة بالعرق، والهوية، والاتصال بالمكان.

وقد قال خالد سليمان الناصري، الكاتب، ومؤسس دار المتوسط للنشر، لـ“إرم نيوز: ”إن إصدار كتاب هو بمثابة زراعة شجرة“، معبرًا عن القيمة التجذيرية للكتاب في إسناد وعي الشعوب، في نيل الحقوق، والدفاع عن الأرض، وحماية الحريات. وأضاف الناصري: ”إن الاحتلال إن استطاع أن يسرق الأرض، فلن يستطيع أن يسرق الحياة بمطلقها“. وقد أعرب الناصري عن أمله في تطوير فكرة ”بستان كُتّاب المتوسط“ معتبرًا أنه: شيء عظيم أن يكون لك شجرة في مكان ما.

الكرز والجولان

وتجدر الإشارة إلى مكانة شجرة الكرز لدى المواطن السوري في هضبة الجولان، فهي تمثل مصدر الدخل الأول له، حيث هنالك كمية كبيرة من شجر الكرز، وعلى مساحات شاسعة، تمثل هوية ثقافية لسكان الهضبة. ومن الغريب أن شجر الكرز، في الأساطير القديمة، ارتبط بطائر العنقاء، الطير الناهض من بين الرماد، ليستعيد الحياة من جديد.

منشورات المتوسط هي دار نشر عربية، أسسها الكاتب السوري، خالد سليمان الناصري، منطلقة من مدينة ميلانو في إيطاليا، في العام 2015. ولقد حققت المتوسط مكانة مهمة بين دور النشر العربية، نظرًا لقيمة المحتوى الذي تقدمه، واهتمامها اللافت بتصميم الأغلفة المفعمة بالرمزية، لمؤلفاتها.

الاخبار العاجلة