تركيا في مواجهة كورونا.. سجال متصاعد بين الحكومة والمعارضة

3 أبريل 2020آخر تحديث :
تركيا في مواجهة كورونا.. سجال متصاعد بين الحكومة والمعارضة
صدى الاعلام _ رام الله :  تعيش تركيا هذه الأيام سجالات لافتة بين الحكومة والمعارضة إزاء التعامل مع انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، شمل العديد من السياسات والإجراءات المتخذة في البلاد لمواجهة الوباء.

وامتد السجال إلى مشروع القناة البحرية الموازية لمضيق البوسفور، ونظام منع التجول، وحملات التبرع التي أطلقتها البلديات، والطرق المؤدية إلى مشروع مستشفى مدينة باشاك شهير بإسطنبول.

ووجه رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (حزب الشعب الجمهوري المعارض) انتقادات لاذعة للحكومة على خلفية عدم إيقاف استجلاب عروض إنشائية متعلقة بشق قناة إسطنبول البحرية الموازية لمضيق البوسفور في ظل خطورة تفشي الوباء وحاجة الدولة لتسخير كافة إمكاناتها لمواجهته.

لكن هذا الموضوع عاد للتراجع بعد إقالة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وزير النقل محمد جاهد طورهان وتعيين مساعده عادل قرة إسماعيل أوغلو خلفا له، في خطوة لم تكشف الحكومة التركية أسبابها بعد.

منع التجول
كما تصدر حزب المعارضة الأكبر الدعوات لفرض نظام منع التجول في عموم تركيا، ونادى بذلك رئيسه كمال كليتشدار أوغلو في كثير من المناسبات، في حين دعا رئيس البلدية إلى فرض منع التجول الفوري على مدينة إسطنبول تحديدا.

وأوضح إمام أوغلو أن المدينة معرضة لتضم نحو 60% من نسبة الإصابات في عموم تركيا، وأن سكانها لا يلتزمون بالعزل المنزلي والحجر الصحي الطوعي.

ويتوقع مراقبون ومحللون سياسيون أتراك أن تواصل حكومة بلدهم إدارة أزمة كورونا بالطرق “الناعمة” دون اللجوء إلى فرض منع التجول ما لم يرتفع منحنى الإصابات والوفيات بالفيروس بشكل حاد.

الداخلية والتبرعات
وفي ملف خلافي آخر، أعلن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو أن الحكومة منعت حملة التبرعات التي أطلقتها بلدية إسطنبول لجمع معونات للتعامل مع انتشار الوباء لأنها لم تحصل على الترخيص المطلوب من الحكومة.


شوارع إسطنبول تشهد تراجعا كبيرا في الحركة رغم عدم فرض منع التجول (الجزيرة)
شوارع إسطنبول تشهد تراجعا كبيرا في الحركة رغم عدم فرض منع التجول

وأوردت وسائل الإعلام أن صويلو أرسل مذكرة إلى محافظات تركيا الـ81 والمديريات العامة وقيادة الشرطة العسكرية، بعنوان “جمع التبرعات” يمنع بموجبها البلديات من تنظيم مثل هذه الحملات دون إذن من المحافظات، وفتح تحقيق ضد المنظمين.

واتهمت صحيفة “جمهورييت” المحسوبة على حزب الشعب الجمهوري، الرئيس التركي أردوغان بأنه يدير حملة جديدة تستهدف البلديات التي يديرها الحزب في عموم تركيا.

ويعتقد الباحث والمحلل السياسي في الشأن التركي طه عودة أوغلو أن الخلاف بين حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الشعب الجمهوري، في هذا الموضوع بالذات تجاوز موضوع التبرعات إلى خلاف سياسي أعمق من ذلك بكثير.

وقال طه عودة أوغلو للجزيرة نت إن حكومة العدالة والتنمية باتت مقتنعة بأن حزب المعارضة الرئيسي يحاول أن يعمل من خارج أطر الدولة، وأنه يسعى بذلك إلى إضعاف هيبة الحكومة الحالية وتشكيل حالة “دولة داخل دولة”.


شوارع خالية في إسطنبول (الجزيرة)
شوارع خالية في إسطنبول 

ولفت عودة أوغلو إلى أن كثيرا من التصريحات للنواب والسياسيين من حزب الشعب الجمهوري تعزز هذه القناعات، وأنها تجاوزت مدينة إسطنبول التي يدير الحزب المعارض بلديتها، إلى العديد من البلديات والمواقع في تركيا.

مستشفى باشاك شهير
أما المدينة الطبية الجديدة في إسطنبول فقد كانت في عين عاصفة الجدل، إذ نشر نشطاء وإعلاميون مقربون من حزب العدالة والتنمية الحاكم أخبارا عن رفض بلدية إسطنبول شق طرق تؤدي إلى المدينة التي انتهى العمل بها في انتظار الافتتاح الرسمي.

وقال النشطاء إن البلدية عزت موقفها إلى عدم توفر الميزانيات اللازمة للمشروع المعروف باسم “مستشفى مدينة باشاك شهير”.

لكن البلدية أكدت من جانبها أن مشروع إنشاء خط قطار الأنفاق وإنشاءات الطرق الرئيسية التي بدأ تنفيذها للمشروع عام 2017 أوقفت في العام 2018 في عهد البلدية السابق، وأن المجلس البلدي الحالي قد أقر في اجتماع يوم 25 ديسمبر/كانون الأول 2019 منح فتح الطرق إلى المستشفى الأولوية، وطلب الموازنات لذلك من وزارة المواصلات التي لم تستجب لطلبه حتى الآن.

الجدل لا ينتهي
ويرى بعض المراقبين أن التباين في مواقف الحكومة والمعارضة في تركيا حيال الملفات المتعلقة بإدارة أزمة كورونا أمر طبيعي، بل إن بعضهم يضعه في خانة تراجع المحددات الفكرية والأيديولوجية لصالح الاختلاف على البرامج وسبل الإدارة.


 مستشفى مدينة باشاك شهير أو مدينة باشاك شهير الطبية التي انتهى العمل على تجهيزها (الجزيرة)
 مستشفى مدينة باشاك شهير أو مدينة باشاك شهير الطبية التي انتهى العمل على تجهيزها 

واعتبر الباحث في العلاقات السياسية التركية بجامعة آريل سردار أوزباي، أن هذا الاختلاف يعزز التركيز على قضايا المجتمع الكبرى وأبرزها حاليا انتشار الوباء، معتبرا أن هذا الجدل يمثل شأنا صحيا في النظم الديمقراطية التي تحاكم الكيانات السياسية على الأداء لا على المعتقدات والأفكار.

وعن مدى تضرر المواطنين من هذا التباين، أكد أوزباي للجزيرة نت أن الضرر يمكن أن يقع إذا تعددت السلطات ورفضت المعارضة التسليم بسيادة الدولة ومنظومتها من جهة، وإذا مارست الدولة سيادتها دون رقابة تصل حد الملاحقة أحيانا من قبل المعارضة، وهما شرطان لا يتوفران في البيئة السياسية التركية.

وأضاف أن الجدل السياسي يرافق كافة القضايا التي تشهدها تركيا، وأن ذلك ليس بجديد على البلد الذي بات يمتلك تقاليد معقولة من الممارسة الديمقراطية.

الاخبار العاجلة