خربة حمصة بين نكبتين

1 فبراير 2021آخر تحديث :
خربة حمصة بين نكبتين

إسراء غوراني

لم تنته خربة حمصة الفوقا بالأغوار الشمالية من نفض غبار الكارثة التي حلت بها قبل ثلاثة أشهر، عندما أقدمت سلطات الاحتلال على هدمها بشكل كامل، حتى عاد الاحتلال اليوم بعملية هدم وتفكيك واسعة النطاق لمنشآت الخربة، ومحاولة إجبار سكانها على الرحيل النهائي عنها.

المواطن أنس عواودة من خربة حمصة قال في حديثه إن قوات الاحتلال اقتحمت الخربة في ساعات الصباح وأغلقت كافة مداخلها، وشرعت بهدم وتفكيك غالبية الخيام السكنية والمنشآت الزراعية وحظائر الماشية دون إخطار مسبق، واستولت عليها.

وأضاف أن قوات الاحتلال شرعت بعملية هدم واسعة كما في المرة السابقة قبل ثلاثة أشهر، ولكن هذه المرة هددهم الضابط المسؤول بترحيلهم قسريا وبشكل نهائي عن المنطقة.

يعاني سكان خربة حمصة الأمرين ويعيشون في قلق دائم منذ عملية الهدم التي نفذتها سلطات الاحتلال قبل ثلاثة أشهر، كما يقول عواودة، والآن زادت همومهم وأصبحوا في حيرة من أمرهم متسائلين كيف سيتدبرون أمورهم في الأيام المقبلة؟ بدوره، أكد المواطن ياسر أبو الكباش أن عمليات هدم وتفكيك المنشآت طالت كافة أهالي الخربة الذين سيبيتون هذه الليلة في العراء مع أطفالهم.

وقال أبو الكباش وهو رب أسرة مكونة من 10 أنفار غالبيتهم من الأطفال، إن ما عايشه سكان الخربة اليوم يعتبر الأقسى والأصعب، خاصة في ظل الظروف الجوية والطقس البارد.

واضاف: “لم يحرمنا الاحتلال من مساكننا وحسب، بل إنه ينوي ترحيلنا عن المنطقة نهائيا وحرماننا من محاصيلنا البعلية التي زرعناها بداية الموسم، حيث نقتات مع عائلاتنا على القمح، في حين نطعم مواشينا من الشعير الذي نزرعه”، مؤكدا أن مصدر رزقهم الأساسي الآن وهو الثروة الحيوانية بات مهددا، خاصة إذا بقيت الأغنام في مثل هذا الطقس دون مأوى.

ويرفض سكان خربة حمصة الفوقا الرحيل عن المنطقة حتى لو اضطرهم ذلك للبقاء دون مأوى، كما يقول أبو الكباش.

عملية الهدم والتفكيك التي جرت اليوم طالت 40 منشأة على الأقل تعود لـ11 عائلة، وفقا لقاسم عواد مدير عام توثيق انتهاكات الاحتلال في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، الذي أكد “أن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان تنوي الليلة البقاء في الخربة وإعادة بنائها مجددا، ولن تسمح بترحيل السكان عن أراضيهم”.

من جهته، أشار مسؤول ملف الأغوار بمحافظة طوباس معتز بشارات إلى أن قوات الاحتلال بعد قيامها بهدم وتفكيك المنشآت استولت عليها، فيما طلب ضباط الاحتلال من السكان مرافقتهم لنقلهم إلى منطقة أخرى تقع إلى الغرب من حاجز الحمرا بالأغوار الوسطى، وعندما رفض السكان ذلك هددوهم بالعودة غدا وطردهم بشكل نهائي.

وأكد أن العديد من المؤسسات تتواجد في المنطقة الآن مع العديد من المتطوعين الذين توجهوا للمنطقة وينوون الاعتصام فيها وإعادة إعمارها.

وتصعِّد سلطات الاحتلال منذ مطلع العام الحالي من استهداف الأغوار الشمالية بكافة الوسائل ومنها: إخطارات الهدم ووقف البناء التي طالت غالبية خِرَب الأغوار الشمالية، فضلا عن عمليات الهدم وتفكيك المنشآت التي تمت في خربة البرج الأسبوع الماضي، وقطع آلاف الأشجار الحرجية في منطقة عينون شرق طوباس، يضاف إلى ذلك ما جرى اليوم في خربة حمصة.

وعندما هدمت سلطات الاحتلال الخربة قبل ثلاثة أشهر وصف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) هذه العملية بأنها “أكبر حادثة من حوادث التهجير القسري في الضفة منذ أربعة أعوام، حيث هدمت السلطات الإسرائيلية 83 مبنى، أو حوالي ثلاثة أرباع التجمع، بما في ذلك 29 مبنى تم تقديمها كمساعدات إنسانية. ونتيجة لذلك، نزح ما مجموعه 73 شخصًا، من بينهم 41 طفلاً، لكنهم تمكنوا من البقاء في المنطقة بعد تسليم الملاجئ الطارئة وغيرها من المساعدات”.

يذكر أن خربة حمصة الفوقا هي خربة فلسطينية هدمها الاحتلال بشكل كامل بعد احتلال الأغوار عام 1967 وهجَّر غالبية سكانها، وهو الآن يستولي على 70% من أراضيها، ويغلقها بأوامر عسكرية ويمنع سكانها من البناء بحجة أنها “منطقة إطلاق نار”.

الاخبار العاجلة